روابط للدخول

خبر عاجل

قانون النشر في العراق..تنظيم للإعلام أم كسر للأقلام؟


صحف عراقية
صحف عراقية
بينما تفتخر دول بمؤسساتها الإعلامية وصحفييها، وتتسابق جهات عدة على تنظيم حملات الدعم المادي والمعنوي لتمكين الإعلاميين من اداء رسالتهم الإنسانية، وجعل الصحافة بحق سلطة رابعة ترصد وتراقب وتتحدث بحرية ودون خوف وان تكون لسان المواطن، فأن رفع دعوى قضائية بتهمة التشهير، أصبح سلاحا يلجأ اليه البعض، من بين أساليب أخرى، ضد صحفيين وإعلاميين عراقيين، كما ذكر مراقبون، لمنعهم من التعبير بحرية عن آرائهم. ورافق حملة رفع دعاوى قضائية، مطالب بغلق مؤسسات إعلامية، أوسجن صحفيين، أو دفع تعويض مادي بدأ بأرقام مليونية ليصل الآن الى المليارات.

تطورات المشهد العراقي وحرياته كانت السبب وراء قرار مجلس القضاء الأعلى في تموز من العام الماضي تشكيل محكمة خاصة بقضايا النشر والأعلام، تتولى النظر في الشكاوى والدعاوى المتعلقة بالأعلام والنشر في جانبيها المدني والجزائي. وعلى الرغم من اعتراض البعض على تشكيل المحكمة باعتبارها تمثل خرقا للدستور، الذي يمنع تشكيل محاكم خاصة او استثنائية من جهة، ووصفهم هذه الخطوة بأنه تقييد جديد يوضع على حرية الصحافة والتعبير، أكد مجلس القضاء الأعلى إن المحكمة ستكون على دراية تامة بدور رجال الصحافة والأعلام ومكانتهم الاجتماعية، وأن يتم التعامل معهم بما يتناسب مع هذه المكانة لوجود شكاوى مقامة من قبلهم أو ضدهم. وفي إحصائية نشرها مجلس القضاء الأعلى، بلغ عدد القضايا التي رفعت أمام محكمة قضايا النشر والإعلام فقط في الربع الأول من هذا العام 193 قضية.

وشغلت هذه الدعاوى مساحة واسعة من اهتمام مراقبين وناشطين وإعلاميين وانقسمت الآراء بين من قال ان عدم حرفية بعض المؤسسات الإعلامية، وتطفل أشخاص غير مؤهلين على منابر صاحبة الجلالة وعدم احترامهم أخلاقيات العمل الصحفي، واستغلال البعض فسحة الحرية بهدف الإساءة للآخرين تحت شعار "حرية التعبير" كانت من بين الأسباب التي دفعت البعض الى رفع دعاوى قضائية. وضع الفريق الآخر علامة استفهام على جدية العراق في دعم حرية الصحافة والإعلام والتعبير، واحترام الدستور الذي نصت مادته الثامنة والثلاثون على ان تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:

• حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
• حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
• حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.

وقالت منظمة مراسلون بلا حدود ان رفع دعاوى قضائية ضد مؤسسات إعلامية وصحافيين يتعارض بشكل مباشر مع حرية التعبير والصحافة، ومن غير المقبول أن يعاقب الصحفي والإعلامي بسبب مقال رأي. وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي الأخير لعام 2010 ان الصحافيين العراقيين "يواجهون عدائية السلطات والسياسيين وباتت التجاوزات ودعاوى "التشهير" المرفوعة ضد الصحف التي تندد بقضايا الفساد هي العملة السائدة في البلاد".

لجنة الدفاع عن الصحفيين في العالم قالت في اخر تقرير لها ان وضع الصحفيين لم يتحسن في العراق حيث ان عدم صدور قانون الصحافة فسح المجال وسهل من رفع دعاوى قضائية ضد إعلاميين ومؤسسات وتعرض صحفيين الى تهديدات قانونية. ولاحظ تقرير نشرته منظمة بيت بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أن أوضاع الصحافة والصحفيين في العراق آخذة في التراجع بعد صدور تعليمات حكومية تقيد حرية الصحافة وإنشاء محكمة خاصة للصحفيين.

رفع دعاوى لا يقل خطورة عن قتل الناس
وصف عميد كلية الإعلام هاشم حسن، الذي رفعت ضده أيضا قضية تشهير بسبب مقال كتبه في صحيفة المشرق، ان هذا التوجه يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقف خلفها جهات عدة لقمع الصحافة خوفا من دور الإعلام الحر في فتح ومتابعة ملفات مهمة منها ملف الفساد. حسن قال ان عملية رفع دعاوى ضد مؤسسات اعلامية وصحفيين لا يقل خطورة عن قتل الناس بمسدسات كاتمة للصوت وأكد في نفس الوقت انه مع عملية تطهير الجسد الصحفي من المتطفلين لكونهم يمثلون نقطة ضعف يستعين بها الفساد لقمع حرية التعبير، وأضاف ان غياب قوانين مهمة مثل قانون حق الوصول الى المعلومة وقانون تنظيم العمل الاعلامي يجعل الصحفي يقاتل بدون سلاح.

دفع تعويضات بعد ثبوت الأدلة يشير الى عدم مهنية البعض
بالرغم من تأكيد مدير مرصد الحريات الصحفية هادي جلو مرعي ازدياد عدد القضايا التي ترفع ضد مؤسسات إعلامية وصحفيين خاصة من قبل سياسيين ووصفه ذلك بانه محاولة للتضييق الإعلامي، إلا انه طالب الصحفيين والمؤسسات الإعلامية بتوخي الحذر في طريقة تناولهم للمواضيع، واحترام أخلاقيات العمل الصحفي. مدير مرصد الحريات الصحفية أوضح أن قرار القضاء، بعد ثبوت الأدلة والبراهين، في دعوات رفعت ضد أفراد او مؤسسات ودفعهم تعويضات مادية يشير الى عدم مهنية البعض في طرحهم للقضايا.

فضيلة التعبير يجب ان لا تتحول الى رذيلة التشهير
الحقوقي ورئيس جمعية الثقافة القانونية طارق حرب ذكر ان الخطأ الذي تقع فيه مؤسسات اعلامية ويقع فيه صحفيون هو عدم دقتهم وحِرَفيّتهم في اختيار تعابير خلال طرحهم قضايا حساسة تجعل منهم يحكمون على آخرين بالفساد والرشوة والسرقة، دون وجود ادلة وبراهين، وبالتالي تحولت فضيلة التعبير الى رذيلة التشهير.

حرب ذكر ان الدستور والقانون العراقي يحميان الحقوق وان عقوبة جرائم القذف والتشهير قد تصل الى الحبس لكن حساسية موضوع حرية الصحافة والتعامل الحذر للمحكمة الخاصة بقضايا النشر والاعلام والقضايا جعلت معظم قراراتها تنحصر في المطالبة بالتعويض المادي ولم يكن هناك أي قرار صدر بحبس او سجن إعلامي.

أعلن وزير الدولة الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ بأن مجلس الوزراء قرر الموافقة على مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي المدقق من قبل مجلس شورى الدولة وإحالته إلى مجلس النواب. وأشار الدباغ الى أن الموافقة على المشروع تأتي ضمن حرص الحكومة العراقية على وضع آلية لضمان حرية التعبير عن الرأي وبكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر بشكل السلمي وحق المعرفة بما لا يخل بالنظام العام والآداب العامة وتحديد الجهات المسؤولة عن تنظيمها ومعاقبة المخالفين وتقييم معالم هذه الحريات وفق إطار قانوني يحفظ للأقلية حقوقها وحرياتها في ممارسة حق التعبير وحق المعتقد.

وأوضح الدباغ أن الموضوع سبق وأن عرض على مجلس الوزراء في إحدى جلساته الاستثنائية وصدر توجيه يتضمن الطلب من الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعادة النظر في مشروع القانون المذكور وفق الملاحظات المطروحة من قبل السادة أعضاء مجلس الوزراء بغية إعادة عرضه مجدداً بصيغته المعدلة حيث عرّف مشروع القانون التعبير عن الرأي بأنه حرية المواطن في التعبير عن أفكاره وآرائه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو بأية وسيلة أخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة.
قانون النشر في العراق..تنظيم للإعلام أم كسر للأقلام؟
please wait

No media source currently available

0:00 0:15:00 0:00
رابط مباشر
XS
SM
MD
LG