روابط للدخول

خبر عاجل

ما وراء التظاهرات؛ الإعداد والشعارات. وهل تنجو من التسييس؟


تظاهرة في بغداد
تظاهرة في بغداد
تنوعت الأصواتُ والمطالب واحدة، فتوفير الخدمات وإصلاحها ومكافحة الفساد في دوائر الدولة، ومواجهة البطالة، وحلُ أزمة السكن وغيرها، عناوينُ يتقاسمها العديد من التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها مدنٌ عراقية مختلفة، غلبَ على أكثرها الطابعُ السلمي، بينما لم يسلم بعضها من أعمال عنفٍ واشتباكات بين القوات الأمنية والمحتجين، سقط جراءها عدد من الضحايا كما حدث في تظاهرة السليمانية يوم الخميس.

ورغم تواصل التظاهرات اليومية، أكد رئيس الوزراء نوري المالكي في مؤتمر صحفي له في بغداد الخميس، عدم الخشية منها لافتاً الى أن من حق المواطن التعبير عن رأيه ومطالبِه، ولكن وفق الظروف والإمكانات الواقعية، قائلا "ليس لدينا قلق من المظاهرات لان النظام السياسي ديمقراطي برلماني والشعب فيه مصدر السلطات". محذرا من ان الحكومة ليست ضد التظاهر وحرية التعبير ، لكنها ضد ان تتحول التظاهرات الى عمليات تخريب وحرق للممتلكات العامة.

وشهدَ عددٌ من المدن العراقية منذ نحو أسبوعين، تظاهراتٍ واحتجاجاتٍ بدت مستلهَمَة من التظاهرات التي تفجرت في بعض الدول العربية ومنها تونس ومصر، في مطالبتها الحكومة العراقية بمعالجة سريعة وملموسة للخدمات، وتوفير فرص عمل للعاطلين، وتحسين مفردات البطاقة التموينية والحد من انتهاك الحريات وغيرها.

شباب عراقيون يعلنون استقالتهم.. من السكوت!

وفي محاولة للتعرف على الجهود التي تقف وراء تنظيم التظاهرات وتعبئتها بالمطالب والاحتجاجات، قال الناشط في مجال الحريات العامة، وعضو احدي مجموعات مواقع التواصل على "الفيس بوك"، شوكت البياتي، لإذاعة العراق الحر إنه ومجموعة من الشباب يحاولون طرح أفكارهم ومطالبهم بشكل سلمي، عبر الحوار والتعاون لتنظيم جهودهم التي تهدف الى تغيير الواقع المتردي، من خلال التظاهر السلمي، ومنها تظاهرة يوم الحب في بغداد قي 14 من هذا الشهر..

الى ذلك تكشف الناشطة نَوف الفلاحي، وهي طالبة جامعية لها مدوَّنة على شبكة الانترنت، تطرح من خلالها آراءها وتناقشها مع زوار المدونة، كيف استلهمت وعددٌ من زملائها المدونين العراقيين ما أنجزه زملاؤهم المصريون، خلال الاحتجاجات المصرية الأسابيع الفائتة، مشيرة الى أن ذلك شجعهم الى تنظيم جهودهم الفردية، للتعبير عن احتجاج الشباب العراقيين على نقص الخدمات وتفشي الفساد المالي والإداري، فضلا عن الدعوة الى بناء مستقبل أفضل لجيلهم.

من جانبه يميز رئيس مرصد الحريات الصحفية هادي جلو مرعي بين عدة اتجاهات ودوافع تقف وراء التظاهرات التي تشهدها مدن عراقية مختلفة ، فمنها المطلبية المحض، وأخرى استعارت تجارب احتجاجات التونسيين والمصريين، فيما سعت الأخرى الى استثمار التظاهرات كأسلوب ضغط سياسي أو مصلحي.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، اتهم الخميس جهاتٍ سياسية مثل "القاعدة" و"البعث" و"هيئة علماء المسلمين"، بالوقوف وراء أعمال الشغب التي شهدتها بعض المحافظات، مؤكدا أن التظاهرات التي تشهدها البلاد احتجاجا على سوء الخدمات وتفشي الفساد والبطالة لن تؤثر على النظام السياسي في البلاد لأنه نظام ديمقراطي برلماني، بحسب المالكي.

من جانبه لم يستبعد رئيس مرصد الحريات الصحفية، هادي جلو مرعي، أن تركب جهاتٌ معترضة على العملية السياسية، موجةَ التظاهرات لتوظفها لأجنداتها، مستدركا أن الواقع العراقي فيه من الأسباب العديد مما يدفع للاحتجاج والتظاهر طالما بقي مستوى أداء أجهزة الدولة دون رضا المواطن.

ومع تأكيد الناشط شوكت البياتي على أن التظاهرات التي يدفع لها الشبابُ، سلميةٌ ولا ترفع شعاراتِ إسقاط النظام، فهو ينفي وجود أية جهاتٍ سياسية تقف وراء التظاهرات، واصفا ذلك بالإشاعات التي تحاول إجهاض تظاهرات المواطنين العراقيين العفوية. وهو ما يتفق مع ما تذهب اليه الناشطة المدونة نَوف الفلاحي، التي أشارت في حديثها لإذاعة العراق الحر، الى أنها والعشرات من زملائها حملوا "المكانس" وأكياسَ القمامة صبيحة الجمعة، ليقوموا بتنظيف المنطقة بين شارع المتنبي وساحة التحرير في إشارة ذات دلالة لحقيقة مطالبهم.

من جانبه توقع أستاذ كلية الإعلام بجامعة بغداد كاظم المقدادي ان تستمر التظاهرات في العراق، محذرا من أن عدم الاستجابة العملية لمطالب المتظاهرين قد يسيّس التظاهرات، وتستغلها بعض الجهات لتصفية حسابات سياسية.

ومع تحذير رئيس الوزراء المالكي قوات ِالأمن من استخدام القوة ضد المتظاهرين، و استخدامهم الطرق السلمية في تفريق المتظاهرين إذا لزم الأمر. الا ان أستاذ الإعلام كاظم المقدادي لاحظ أن القوات الامنية العراقية غير مهيأة أو مدربة للتعامل مع المتظاهرين، ما قد يدفع الى حصول اشتباكات، وربما أعمال شغب تؤدي الى سقوط ضحايا.

إذا ما أنعشت ثورتا "الياسمين و اللوتس"، ربيعَ الاحتجاجات في عدد من الدول العربية، فان دوافع التظاهر في العراق، تتنوعُ وتتسع بحسب مراقبين لتعدد المطالب، وفسحة الحرية التي يوفرها الشارع العراقي، وهذا ما دفع المدونة نوف الفلاحي الى القول، أنها وزملاءها قرروا "الاستقالة من ... السكوت!" ، لذا فإنهم سيواصلون المطالبة بالإصلاح والتغيير سلميا.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي ساهم في إعداده مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد غسان علي.
XS
SM
MD
LG