روابط للدخول

خبر عاجل

التسامح الديني صمام الأمان لعراق خالٍ من العنف والإرهاب (2)


مدخل كنيسة سيدة النجاة في بغداد
مدخل كنيسة سيدة النجاة في بغداد
كما أسلفنا في الجزء الأول من لقاءات إذاعة العراق الحر مع الشخصيات الدينية والفكرية العراقية والعربية في شأن التسامح الديني ونبذ التمييز العرقي والعنصري باعتبارهما عمودين أساسيين للتعايش السلمي بين الأمم والشعوب التي تعيش على أرض واحدة وتتشارك في مصير واحد.

نواصل في الجزء الثاني من تلك اللقاءات التحدث عن أهمية هذا التسامح الذي يمر بمراحل عدة عبر التاريخ يختفي أحيانا فيؤدي إلى كوارث حقيقية، ويتراجع في أحيان أخرى ليؤدي إلى توتر شديد، أو يسمو ويسود فترتقي البلدان إلى مراتب عليا من الاستقرار والازدهار.

وهكذا الحال مع العراق أيضا، فالتسامح يمر بمرحلة حرجة وحيث أن العراق يمر بظروف استثنائية وتحقيق هذا الشرط هام لتطور المجتمع ورقيه. وفي حلقة اليوم من لقاء خاص أجرى مراسلنا في واشنطن كرم منشي لقاءات مع عدد من الشخصيات الدينية والفكرية العراقية عبر العالم حول هذا الموضوع وهم كل من المطران جبرائيل كساب رئيس أساقفة أستراليا ونيوزيلندا، والكاتب الأكاديمي العراقي في ألمانيا د.كاظم حبيب، والشاعرة فينوس فائق والناشط في حقوق الإنسان غانم جواد في لندن.

وقال المطران جبرائيل بهذا الصدد إن الديانات السماوية وغير السماوية تدعو إلى السلام والتعايش, وتعمل على خلق المناخ المناسب لعيش الإنسانية بسلام, وهذه أحدى أهداف هذه الأديان. وأضاف أنه رغم هذه الدعوات هناك ما يجعل بعض أتباع هذه الديانات يقومون بأعمال العنف والتعدي، وهذا لم يأت من الديانات نفسها بل من عدم فهم آيات هذه الكتب السماوية، أو من خلال تفسيرها بطريقة خاطئة، أو باستغلالها لغايات غير ملائمة لمتطلبات الدين.
وشدد المطران على أن العنف لم يكن يوما طريقا إلى السلام، وإلى الإيمان بالله، وأن الله هو رب السلام، وهو السلام في ذاته، وأن الديانة تأخذ قيمتها ليس فقط بعبادة الله الواحد، ولكن أيضا بالأعمال التي يقوم بها أتباعها، وخاصة قبول الأخر، كما هو وكما يريد الضمير الإنساني.

ومن جانبه أشار الدكتور كاظم حبيب، الكاتب والباحث العراقي المقيم في ألمانيا إلى أنه بالإمكان تحقيق حلم التعايش والتفاهم والمحبة الذي يراود العراق والعراقيين، من خلال تعزيز الدولة العراقية، وتغيير بنية الحكومة العراقية على أساس غير طائفي.
وأضاف الدكتور حبيب عندما تكون هناك سياسة علمية، علمانية واضحة ترفض الإرهاب وترفض الفساد وتقاومهما، لما يلعبه كلاهما من دور سلبي في الوضع الاجتماعي، ويساعدان قوى الإرهاب على الهجوم على مصالح الشعب. من هنا فمن الأهمية بمكان أن تكون سياسة وطنية واضحة، سياسة الاعتراف بالمواطن، وليس بالهويات الفرعية، ليعود العراق قاعدة المحبة والوئام والتفاهم، كما كان عليه في قرون مضت.
وقال د. حبيب إن يعتقد أن هناك محاولات جادة لإقامة دولة إسلامية في العراق، وهذا يعني رفض أتباع الديانات الأخرى في المكونات العراقية، وأشاد بالسياسات التي تمارسها الولايات المتحدة ودول أخرى لصالح شعوب الدول النامية، بما في ذلك في العراق.

وأشارت السيدة فينوس فائق الشاعرة العراقية إلى أن ملامح العنف لنظام صدام السابق كانت واضحة من خلال تعاطيه العدواني مع الشعب، أما اليوم فقد أصبح كل شيء مختلط، فالكل يدعي الديمقراطية، وهناك من يدعي الأخوة في حين أنه لا يقبل بالأخر. وأضافت الشاعرة فينوس أن الممارسة السياسية في العراق اليوم ليست لها وللأسف الأوجه التي من خلالها يمكن التعرف على خصائصها. هذه الحالة تفرش أرضية خصبة لظهور الإرهاب المبرمج، أو هي في الواقع وليدة حالة عدم التوافق، التي يدعون عكسها.
كما شددت الشاعرة فينوس على ما أسمته بالدور السلبي التي تلعبه دول الجوار، والتي تغذي ظاهرة العنف لأنها هي المستفيدة من عدم الاستقرار في العراق، وناشدت المثقفين العراقيين ممارسة أدوارهم بطريقة عملية على أرض الواقع لجهة ترسيخ ثقافة القبول بالأخر وأن نحب جارنا مهما كان لبناء هذا البلد، الوطن الواحد "العراق".

وشدد الأستاذ غانم جواد الناشط في مجال حقوق الإنسان ومؤسسة "الحوار الإنساني" على أن كل هذه المؤتمرات التي عقدت والتي ستعقد ركزت على مبدأ واحد هو مبدأ التعايش، وكيف يمكن أن نتعلم العيش المشترك وقبول الاختلاف وجعل العالم مكانا آمنا لنا جميعا وهذه ستكون أحدى أهم التحديات الكبرى للقرن الواحد والعشرين.
من هذا المنطلق تحاول جميع المنظمات التركيز على مفهوم التعايش بين المكونات والفئات الاجتماعية المتعددة، حيث أن التعايش يعلمنا مبادئ قيمة جدا منها القبول بالتنوع والتعددية، وهويتنا هي علاقاتنا بالآخرين أفرادا وجماعات وحتى بين الدول نفسها على حد قوله، إذ عندما تكون هذا العلاقة إيجابية ستعزز الكرامة والحرية والرفاهية، وعندما تكون سلبية ستؤدي حتما إلى التدمير.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي.
XS
SM
MD
LG