روابط للدخول

خبر عاجل

إذا كان التأريخُ يكتبهُ المنتصرون، فَمَن يكتبُ تأريخَ الضحايا؟


كثيرا ما خضع توثيقُ الأحداث التاريخية للاجتهاد والتحوير وأحيانا التحريف بحسب كاتب الحدث أو الرواية، ما يعرض المنقولات التاريخية أحيانا الى الشك والارتياب. ولطالما توقف الباحثون عند مصداقية الرواية التأريخية لهذا المؤرخ أو ذاك.

ويرى الباحث رشيد الخيون أنه قليلا ما نجد مؤرخاً منصفا استطاع أن يتجرد من إنحيازه لعقيدة أو انتماءٍ أو مَيل. ومن هنا تأتي خطورة كتابة التاريخ وتدوينِه مادفع بعضَ الملوك والقادة الى الإشراف على ما يكتبه رواة عهدهم بل إملاء ما يجعل صفحاتهم حافلة بمآثرهم وأخبار بطولاتهم وفتوحاتهم! وبما يجمّل صورَهم بعد عقود وقرون من الزمن. وهذا ما دفع البعضَ الى إطلاق مشاريع إعادة كتابة التاريخ ربما لأغراض ترتبط بنواياهم وأهدافهم من ليّ حقائق التأريخ أحيانا.

ويعتقد ضيف برنامج "عالم متحول" الباحث رشيد الخيون أن اغلب من كتبَ التاريخ العراقي المعاصر وقع تحت تأثير العقيدة والإيديولوجية أو الانتساب لذا فان تاريخ الضحايا لم يُكتب بَعدُ.

ويتطرق الباحث الى ظاهرة إتكاء الشخصية العراقية على التأريخ والمرويات القديمة والنماذج السالفة ومحاولة ترويضها لتكون صالحة لحياتنا المعاصرة، دون الإقرار بالفروقات البيئية والموضوعية التي تحكم الحياة اليوم ، فضلاً عن نُدرة حضور مفردة "المستقبل" في قاموس الوعي الجمعي.

وينوه الضيف الى أن المذكرات الشخصية تمثل شهاداتٍ مهمة في قراءة الأحداث المعاصرة، لكنها شهادات لا تخلو أحيانا من الإنحياز، فيندرأن نقرأ لكاتبِ مذكرات اعترافاً بخطئه او خطأ حزبه أو جماعته وإذا ما برر فانه يبرر دفاعا.

لكن الخيون لا يغفل بعض الحالات التي إعترف فيها الخصوم من كتّاب المذكرات -خلال العقود الاخيرة - بفضائل خصومهم أو الاعتراف ببعض مواقفهم الحسنة. ولا ينزع صفة التوازن والموضوعية عن العديد من المؤرخين والمحققين الذين نقّبوا في كتب التأريخ والتراث العربي والاسلامي وتعاملوا بموضوعية وعلمية عند تحقيقهم لتلك الكتب أمثال الأساتذة عبد العزيز الدوري، وعبود الشالجي، وكوركيس وميخائيل عواد، وكامل مصطفى الشيبي، وعلي الوردي الذي تميز بتوظيفه التأريخ ورواياته عند دراسته المجتمعَ العراقي.

غالبا ما ترك التأريخُ وحوادثُه تأثيراتٍ على المجتمعات وحياة الناس، ولَنا في أحوال العرب والمسلمين نماذج اليوم، فكثيرا ما تسببت روايةٌ تاريخية او حادثةٌ أثبتها كاتبٌ قبل قرون بإختلاف وتعصب فخلافٍ آلَ الى طوائف وفرق وجماعات وعداوات!

ومن هنا فإن قراءة التاريخ وأحداثِه تستوجب نفَساً عقلانيا ومتوازناً كما تتطلب كتابته ذلك؛ بحسب الباحث رشيد الخيون الذي ينبّه الى أهمية دور المجتمع المدني ومؤسسات التربية والتعليم والثقافة في التوعية بقراءة التاريخ، أملا ً في جيلٍ يُحسن قراءةَ تاريخه.. وكتابة مستقبله.

المزيد في الملف الصوتي
XS
SM
MD
LG