روابط للدخول

خبر عاجل

ظاهرة الانتحاريات .. أسباب انتشارها وكيفية الحد منها


ديار بامرني

ارتفع عدد الهجمات الانتحارية التي نفذتها نساء خلال هذا العام ليصل الى حوالي ثلاثين عملية وهذا العدد يساوي أربعة أضعاف تلك التي نفذت في العام الماضي، مما أثار مخاوف من تحوّل هذه القضية إلى ظاهرة تصعب السيطرة عليها. كانت آخر عملية نفذت عندما فجرت انتحارية نفسها قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد حيث كانت تقف في طابور النساء في انتظار.

اغلب تصريحات المسؤولين العراقيين تشير إلى تراجع تأثير تنظيم القاعدة وانحسار نفوذه في العراق بسبب العمليات العسكرية التي شلت حركة هذا التنظيم و زيادة وعي المجتمع إضافة الى خروج عدد من الفصائل المسلحة التي كانت تقاتل إلى جانب تنظيم القاعدة. لكن هذا الامر لم يمنع هذا التنظيم من تنفيذ الهجمات الانتحارية باتباعه أساليب جديدة منها استغلال شرائح من المجتمع يمكن التأثير والسيطرة عليها كالنساء وجعلهن أداة للتنفيذ.

اللواء (إبراهيم شكوري حمود - مدير القسم الجنائي والحركات في وزارة الداخلية) يؤكد وجود شبكات مرتبطة بتنظيم القاعدة، عملها هو تجنيد النساء لتنفيذ مثل هذا النوع من الهجمات، ويقول ان هذه الشبكات غالبا ما تستهدف نساءا يعانين من ظروف معينة، منها فقدان الزوج أو الأخ أو أحد الأبناء جراء العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الامنية ، فضلا عن ظروف الفقر والحرمان:

(ابراهيم حمود)

صحيفة الغارديان البريطانية ذكرت في تقريرها والذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنه من المعتقد أن تكون تلك النسوة (الانتحاريات) قد تشربن مبادئ وأفكار رجال الدين الذين دفعوهن لتنفيذ عمليات تفجير وقتل جماعي. ويضيف تقرير الصحيفة نقلا عن (خديجة أسعد - خبيرة في مجال حقوق الإنسان وتعمل أيضا مستشارة للحكومة العراقية في محافظة ديالى) قولها أن بعض شيوخ المنطقة المتحالفين مع القاعدة هم من قاموا على مر السنوات الماضية بتدريب واستخدام النسوة ليكن انتحاريات. عضو الجمعية الوطنية السابقة الدكتورة (امال كاشف الغطاء) ترى في أولئك النسوة "ضحايا" دُفعن إلى الانتحار والقتل دفعا:

(امال كاشف الغطاء)

الوضع الامني والفقر ليسا وحدهما السبب وراء انتشار هذه الظاهرة حيث أن هناك جوانب أخرى لا يتم الحديث عنها وتحدث غالبا في إطار الأسرة أو العائلة (العشيرة) وفهم هذه الجوانب يعطي تصورا عمّا تعانيه بعض النساء داخل المجتمع وقد يعطي أيضا تفسيرا لهذه الظاهرة. المحامية (تأميم العزاوي) ترى ان الكثير من النساء في العراق يتعرضنَ بشكل مستمر لأشكال عديدة من العنف والانتهاكات داخل أسرهن ، أما عن اكثر أشكال الانتهاك التي تتعرض لها النساء في المجتمع فتقول العزاوي:

(تأميم العزاوي)

أما الدكتور (كريم ناصر علي - الأستاذ في الجامعة المستنصرية والعضو في مركز الإصلاح القانوني) فيؤكد ان ميل النساء إلى الانتحار بهذا الشكل سببه التمييز التاريخي الذي تعاني منه المرأة :

(كريم ناصر)

جميع الأسباب التي طُرحت والتي يُعتقد إنها تقف وراء هذه الظاهرة هي أسباب تكشف فهما عاما لتفسير إقدام المرأة على القيام بهذه العمليات ، لكن هناك دوافع أخرى لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال فهم المنطق الداخلي لتفكير الشخص المنتحر نفسه. الطبيب النفسي المختص في ظاهرة الانتحار والمقيم في العاصمة البريطانية لندن الدكتور (محمد عباس) يرى الأمر من هذه الزاوية:

(محمد عباس)

على المستوى الرسمي شغل موضوع النساء الانتحاريات حيزا واسعا من اهتمام وزارة الدولة لشؤون المرأة التي عقدت الكثير من الندوات والمؤتمرات مؤخرا وخرجت بالعديد من التوصيات, لكن العديد يشير إلى أن هذا وحده غير كافي وما تقوم به الوزارة ليس له أي تأثير للحد من هذه الظاهرة. ، وتؤكد الدكتورة (نوال السامرائي – وزيرة الدولة لشؤون المرأة) ان الوزارة عاجزة عن تنفيذ أي خطط لكونها بدون موارد ولا تمتلك الإمكانيات الكافية للتصدي ومعالجة هذا الموضوع:

(نوال السامرائي)

وتدعو السامرائي إلى الاهتمام بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية بوصفها وسيلة للحدّ من هذه الظاهرة:

(نوال السامرائي)

أمام خطورة ظاهرة النساء الانتحاريات اتخذت الحكومة العراقية إجراءاتها وذلك بإعداد أفواج من النساء ضمن الأجهزة الأمنية من خلال برنامج أطلق عليه بنات العراق للقيام بأعمال الحراسة والتفتيش ومحاولة الوصول الى الشبكات التي تقوم بتجنيد الانتحاريات من اجل تفكيكها. وزارة الدولة لشؤون المرأة من ناحيتها رفعت مجموعة من التوصيات منها، تطوير المستوى التعليمي وتحسين الوضع الاقتصادي للنساء والأرامل والاهم من ذلك إشاعة العدالة الاجتماعية, لكن هل هذه الإجراءات كافية؟ الدكتورة (امال كاشف الغطاء) تدعو الى ستراتيجية مجتمعية امثل:

(امال كاشف الغطاء)

اما الدكتور (كريم ناصر - الأستاذ في الجامعة المستنصرية والعضو في مركز الإصلاح القانوني) فيرى ان الإجراءات الأمنية لا تؤدي رغم أهميتها إلى الحد من هذه العمليات مستقبلا:

(كريم ناصر)

ظاهرة الانتحاريات التي بدأت في العراق منذ عام 2004 في محافظة الانبار وانتشرت لاحقا الى محافظات أخرى منها ديالى التي شهدت مؤخرا عملية نفذتها فتاة في الثالثة عشر من عمرها عند نقطة تفتيش خارج مستشفى في بعقوبة وهي واحدة من 27 امرأة وفتاة نفذن عمليات انتحارية في محافظة ديالى وحدها خلال الأشهر ال 18 الماضية, هذه الظاهرة ستكون موضوع الحملة الإعلامية والسياسية التي بدأت بقيادتها لجنة المرأة والطفولة في مجلس النواب العراقي ومن أهم ملامحها تشريع قانون لاعالة المرأة العراقية الفاقدة للمعيل, حيث يؤكد المسؤولون ان محاربة الفقر الذي يدفع المرأة لانتهاج اي طريق لتأمين معيشتها ومعيشة أسرتها إضافة إلى الاستقرار الأمني هما من أهم العوامل التي تساعد على الحد من هذه الظاهرة.

على صلة

XS
SM
MD
LG