روابط للدخول

خبر عاجل

حلقة جديدة


خالد القسطيني

كثيرا ما اتسائل، و نحن المتعلمين كثيرا ما نحتاج لمن يفسر لنا النصوص التي نقرأها. فأقول الله بعون الفلاحين البسطاء الذين يقتضي عليهم فهم ما نكتب ، ولاسيما كل هذا الشعر الحديث الذي يحتاج الى مترجم و يسهل فهمه بالانكليزية اكثر مما يمكن فهمه بالعربية. تمخض هذا المأزق عن كثير من المقالب الريفية، ولاسيما في العهود الثورية.

بعد ان اقدم الرئيس عبد السلام عارف على تأميم الكثير من المؤسسات ، اجتاحت موجة من الرعب الاوساط التجارية في البلاد، و على الاخص في القطاع الخاص. خطر للرئيس الراحل ان يبدد هذه المخاوف. لكنه بدلا من القاء خطبته في الموضوع على التجار و اصحاب الشركات، اختار فرصة زيارته لأحدى المناطق الريفية. خطب في الفلاحين هناك فقال انه سوف يدعم القطاع الخاص. استجاب لكلمته احد الفلاحين صارخا: سيدي ادعمه و اكسر راسه!"

وهو ما تلقاه من جواب الرئيس التونسي الراحل بورقيبة، عندما ذهب لمنطقة مشابهة في تونس بصحبة زوجته السيدة وسيلة. فألقى خطابا يؤكد فيه كعادته على ضرورة تطوير البلاد قائلا بأنه سيبذل كل جهوده لتنمية الزراعة بكل وسيلة.

ما ان قال ذلك حتى دوى هتاف الحاضرين : تعيش وسيلة! تعيش وسيلة!" و صفق الجميع للهتاف، ولا شك ان السيدة وسيلة ايضا قد استمتعت بهذا الدعاء الكريم لها بطول العمر.

وهذا مقلب آخر تغنى به الفلاحون في العراق في عهد نظام عبد الكريم قاسم . استاء المؤمنون بالديمقراطية و الشرعية من التصرفات الفردية التي اخذ يبديها الزعيم الاوحد فقرر السيد كامل الجادرجي تجميد تشاط حزبه، حزب الوطن الديمقراطي، في سنة 1960. لم يستسغ الشيوعيون الذين سيطروا على الشارع في تلك الآونة هذه الخطوة و نظروا اليها كبادرة و مؤشر يؤشر الى موت الديمقراطية التي كان الجمهور ينتظرها من الثورة، و بصورة خاصة موت الجبهة الوطنية التي سعى الشيوعيون الى اقامتها، بحيث تصبح بعد خروج حزب البعث منها و قمعه مجرد جبهة من حزب واحد. فقرر الحزب الشيوعي الخروج في مظاهرات شعبية تهتف و تحمل شعارات " جبهة ، جبهة وطنية – لا تجميد و لا رجعية."

نقل الشيوعيون هذا الشعار التكتيكي الجديد لتعميمه في المناطق الشعبية و الريفية.و لدى وصوله بعض القرى الزراعية ، راح الفلاحون يرددونه في احيائهم بكلمات " جبهة ، جبهة وطنية لا تجنيد ولا رجعية." صعب عليهم التفرقة بين التجميد بالميم و التجنيد بالنون.

و هذا في الواقع شعار اجده ، عندما انظر الى الوراء نحو تاريخ العراق الحديث، اجده اكثر حكمة و عقلانية من كل ما طرح من شعارات سياسية و اجتماعية تبناها الساسة و المسيسون. و الواقع ان هؤلاء البسطاء الريفيين سبق لهم ان تمردوا على الدولة و حملوا السلاح في وجهها ، في سنة 1936 عنما شرعت السلطة بتنفيذ قانون التجنيد الالزامي. لم تفكر بالتعليم الالزامي للنشأ الجديد و إنما طمحت فقط الى تعليم الناس على حمل السلاح. و حملوه في الاخير ضد الحكومة التي دربتهم على حمله.

و طبعا وقعت مفارقات كثيرة بسبب الخلط الذي جرى في اذهان البسطاء نتيجة الخلط بين الشيعي و الشيوعي فتعذرعليهم التفرقة بين الاثنين. و قع مثل ذلك ايضا في الخلط بين القلب و الانقلاب. راح شرطي يركض وراء احد الصبيان في ايام المظاهرات فأوقف احد الناس الشرطي و سألوه انت شبيك تركض ورا هالصبي هذا. فقال لهم الشرطي ، هذا شيوعي يريد يقلب الحكومة فأجابه الرجل ، يا عمي شنو هي الحكومة ؟ يعني الحكومة هي تنكة زبل حتى يقلبها؟

على صلة

XS
SM
MD
LG