روابط للدخول

خبر عاجل

تساؤلات حول دور فرنسا وألمانيا في حرب العراق


أياد الکيلاني – لندن

من المحتمل أن تكون كل من فرنسا وألمانيا قد ساعدتا الولايات المتحدة قبل الحرب في العراق، بدرجة تفوق التوقعات السابقة في هذا الشأن. وتأتي أحدث إشارة على ذلك في الإدعاء القائل إن وزير الخارجية إبان حكم صدام (ناجي صبري الحديثي) كان يتجسس لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وكان يتلقى المال مقابل ذلك عبر الاستخبارات الفرنسية، ويأتي هذا الادعاء في أعقاب ما كان ورد في تقارير سابقة مفادها أن عملاء الاستخبارات الألمانية قدموا إلى واشنطن تفاصيل خطط صدام الدفاعية. غير أن ناجي صبري نفى قيامه أبدا بالتجسس لصالح الوكالة الأميركية ، كما نفت ألمانيا تقديمها أية معلومات من هذا النوع إلى الولايات المتحدة. إلا أن التقارير تلقي رغم ذلك الضوء على مدى قدرة الحلفاء على التعاون فيما بينهما ، حتى مع وجود خلافات سياسية بينهما.

وفي تقرير لمراسل إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية في واشنطن Andrew Tully يذكر المراسل بأن غياب فرنسا وألمانيا من التحالف العسكري الذي شكله الرئيس الأميركي جورج بوش لغزو العراق في ال20 من آذار عام 2003 ، كان أمرا ملفتا للانتباه، وكانت العلاقات بين واشنطن واثنين من أقوى حلفائها قد تدهورت إلى درجة جعلت بوش – بحسب بعض التقارير – يرفض تلقي المكالمات الهاتفية من المستشار الألماني آن ذاك Gerhard Schroeder.
إلا أن صحيفة The New York Times أكدت في السابع والعشرين من شباط المنصرم بأن العملاء الألمان في العراق قاموا – قبل نحو شهر من بدء الغزو – بتزويد الولايات المتحدة بتفاصيل خطط صدام المتعلقة بالدفاع عن بغداد، مع المواصفات المفصلة لوسائل الدفاع عن المدينة.
وبثت هذا الأسبوع شبكة NBC التلفزيونية الأميركية كما نشرت صحيفة The Times تقارير مفادها أن وكالة الاستخبارات الفرنسية توسطت قبل ثلاث سنوات في صفقة جعلت من ناجي صبري – وزير خارجية العراق – مصدر معلومات يتلقى أجره من الوكالة الأميركية.

** ** **

ويتساءل المراسل في تقريره إن كانت تلك المساعدة لواشنطن – في حال صحة الأنباء حولها – تتناقض مع الموقف المعارض للحرب الذي تبنته كل من فرنسا وألمانيا، وينقل عن Anthony Cordesman – محلل الاستخبارات السابق لدى وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين – نفيه لهذا الافتراض، إذ يوضح بأن معظم الحكومات تفرق بين السياسة الآنية للحكومة وبين التعاون طويل الأمد مع حلفائها، ويتابع قائلا:
" لقد تطور التعاون ألاستخباري مع حلفائنا الأوروبيين والعديد من الدول الأخرى طوال فترة الحرب الباردة بأكملها، ولم يتأثر هذا التعاون منذ ذلك الحين. صحيح أنه لم يكن أبدا مثاليا، ولكن الحكومات كانت مقتنعة على الدوام من أن المشاركة في الاستخبارات يمكن فصلها عن المواقف السياسية لكون ما من أحد يمكنه احتكار هذه المعلومات. "

ويمضي Cordesman إلى أن الولايات تتلقى أحيانا معلومات استخبارية بالغة الأهمية من جميع أنحاء العالم – وحتى من بلدان تكون علاقاتها معها متوترة – وذلك من عملاء ما كانت وكالات التجسس الأميركية ستصل إليهم.
كما تقابل الولايات المتحدة ذلك بالمثل، من خلال إشراك هذه البلدان في بيانات لا تستطيع الحصول عليها بمفردها، خصوصا تلك التي يمكن الحصول عليها من مصادر تتميز بالتقنية المتقدمة، مثل الأقمار الصناعية المخصصة لهذا الغرض. فالامتناع عن ذلك – بحسب Cordesman – من شأنه أن يقوض الثقة المتبادلة الضرورية لأي تحالف، ويضيف:
" لا يجوز لك أن تجعل التعاون ألاستخباري يدور حول كل قضية مهمة، فلو لجأت إلى ذلك ستكون قد بدأت عملية تكاد تجعل من الثقة بين الدول أمرا مستحيلا. لذا فإن تمسك دولة ما بموقف سياسي لا يعني أنها ستمتنع عن تزويدنا بالمعلومات الاستخبارية، وفي المقابل، لو كان لدينا قضية سياسية حادة مع دولة من الدول، فهذا لا يعني امتناعنا عن مساعدتها في قضية حيوية، مثل مكافحة الإرهاب أو منع انتشار الأسلحة النووية، أو ما شابه ذلك من قضايا. "

** ** **

وينتقل المراسل في تقريره إلى كولونيل الجيش الأميركي المتقاعد Kenneth Allard – ضابط الاستخبارات السابق في أوروبا إبان الحرب الباردة الذي يقر بهذا الرأي، ويؤكد بأن العلاقات الدائمة بين الحلفاء تفوق في أهميتها أية خلافات سياسية عابرة، ويضيف أن ما قدمته فرنسا وألمانيا يبدو أنه كان مفيدا، مؤكدا بشكل خاص على أهمية المعلومات الألمانية عن دفاعات بغداد، ويروي مشاهدته لتلك التحصينات خلال زيارة قام بها إلى العراق، بقوله:
" لكون الألمان ساهموا في بنائها، كانت تتوفر لديهم معلومات دقيقة عن منظومة صدام من المواقع المحصنة، والدفاعات المحيطة ببغداد. وكانت بعض هذه المنشآت فريدة في تصميمها، وذكرتني بالكثير الذي شاهدته في برلين وفي مناطق أخرى مما كانت تعرف بألمانيا الغربية. كان واضحا أن الذي شيد هذه المنشآت كان ماهرا فيما يفعل ، وهذا في رأيي كان يستثني العراقيين. "

أما فيما يتعلق بفرنسا، فيؤكد Allard بأن أي نوع من المعلومات التي تبرعت بها فرنسا كانت ستلقى الترحاب، بالنظر إلى تاريخ فرنسا في المنطقة، ويضيف:
" لا تنسى أن الفرنسيين كان لديهم علاقات تاريخية طويلة الأمد مع العراق. كانت هناك علاقات حميمة بين العراق ودولتين، هما فرنسا وروسيا، ما يعني وجود كنز من الاتصالات التجارية والمالية وغير ذلك من الاتصالات. كما إن بريطانيا تلعب الدور ذاته في العديد من الدول العربية، حتى إلى يومنا هذا، كما تفعل سويسرا لبعض الآخرين، وكما فعلت فرنسا بشكل خاص في العراق. "

ويوضح المراسل Tully بأن المصادر الفرنسية – مع كل ما اتسمت به من فائدة – إلا أن معلومات ناجي صبري ربما لم تغير الكثير في نهاية الأمر، وينقل عن New York Times أن صبري أطلع وكالة الاستخبارات المركزية بأن صدام لم تكن لديه برامج أسلحة تستحق الاهتمام.

على صلة

XS
SM
MD
LG