روابط للدخول

خبر عاجل

تقرير تحليلي حول الأحداث التي نفذها الأرهاب العالمي خلال عام 2005


اياد كيلاني

مستمعينا الكرام، على الرغم مما تدعيه حكومات حول العالم ، يتفق الخبراء على كون عام 2005 بلغ رقما قياسيا جديدا في عدد الأحداث التي نفذها الإرهاب العالمي، في الوقت الذي تتسع فيه قائمة الأهداف ولا نهاية منظورة لهذا العنف. وفي الوقت الذي تستمر فيه الحرب على الإرهاب، هناك تساؤلات تثار حول فعالية ، وفي بعض الأحيان، أخلاقية الأساليب التي تستخدمها الحكومات في ملاحقة الإرهابيين.
المحرر بقسم الأخبار في إذاعة أوروبا الحرة / إذاعة الحرية Jeremy Bransten أعد تقريرا يذكر فيه بأن عمان وبغداد وبالي وبيروت ولندن وشرم الشيخ هي مجرد بعض الأماكن التي تعرضت إلى ضربات إرهابية رئيسية خلال عام 2005 .
ويمضي التقرير إلى أن المعهد التذكاري القومي لمكافحة الإرهاب في واشنطن، الذي يحتفظ بإحصائيات مستقلة، يفيد بأن في الفترة بين كانون الثاني ولغاية تشرين الثاني من العام الجاري ، وقع ما يزيد عن 3700 عمل إرهابي حول العالم، ما يمثل زيادة مقدارها 50% بالمقارنة مع العام الماضي، فلقد شهد عام 2005 تعرض شوارع لندن إلى سفك الدماء حين فجر أربعة انتحاريون أنفسهم في أماكن مختلفة من شبكة المواصلات العامة في العاصمة البريطانية، وذلك خلال فترة الزحام الصباحية:

((

ولقد لقي 56 شخصا، ومن بينهم الانتحاريون، مصرعهم في الهجمات على ثلاثة قطارات أنفاق وإحدى الحافلات العامة في المدينة، إضافة إلى إصابة نحو 700 شخص. ولقد توقفت الحركة في لندن ، مع ذهول سكانها إزاء أكثر حوادث التفجير فتكا منذ الحرب العالمية الثانية. كما تعتبر تلك الهجمات أول تفجيرات انتحارية يتم تنفيذها في أوروبا الغربية.
ويمضي التقرير إلى أن تفجيرات لندن أثارت من جديد تساؤلات حول مدى عرضة المجتمعات الحديثة للإرهاب وحول قدراتها المحدودة للحيلولة دون وقوع مثل هذه الهجمات، خصوصا فيما يتعلق بأهداف سهلة مثل شبكات المواصلات العامة. أما كون ثلاثة من الانتحاريين من الشباب المسلمين، كانوا ولدوا ونشئوا في بريطانيا، فلقد أثار تساؤلات إضافية حول مدى تماسك المجتمع البريطاني، وحول حجم التهديد النبع من الإرهابيين المحليين. كما تساءل الخبراء – في ضوء التركيز الحالي الكبير على متابعة آثار الإرهابيين الأجانب من أتباع القائدة – تساءلوا إن كان التهديد الداخلي قد تم التقليل من شأنه.

--------------------فاصل-------------

ويمضي المحرر لينقل عن Robert Ayers – الخبير في الشأن الإرهابي لدى مؤسسة Chatham House في لندن – أن ما يعرف الآن بالحرب على الإرهاب قد حققت بعض النجاحات في مجال القضاء على قادة الخلايا الإرهابية، ولكن المشكلة هي أنه سرعان ما يتم استبدالهم ، في الوقت الذي تستمر فيه الأيديولوجية المحركة للمفجرين الانتحاريين، في النمو والانتشار ، ويضيف:

((

تلك التي أميل إلى وصفها بالحرب التكتيكية على الإرهاب – والتي تستهدف الكوادر والقيادات في المنظمات الإرهابية – تبدو وكأنها تحقق بعض النجاح. غير أن استهداف الكوادر والقيادات لا يسفر في الحقيقة عن حل المشكلة الكامنة، إذ أن الكوادر التي تتم تصفيتها سرعان ما يتم باستبدالها، وبكل بساطة.

ويمضي Ayers إلى أن كون الجاليات المسلمة في العديد من الدول الغربية معزولة عن التيار المجتمعي العام، يجعل منها أرضا خصبة لتنمية حالة اليأس والاستياء الكفيلة بالانفجار أحيانا. وأحدث مثال على ذلك يتمثل في أعمال الشغب العنيفة التي هزت عشرات المدن الفرنسية لفترة مطولة، في أعقاب مقتل اثنين من الشبان المسلمين المحليين. فالفقر والافتقار إلى فرص العمل والتمييز المفترض والانعزال يحول العديد من الشبان المسلمين إلى أهداف مغرية لمن يسعى إلى تجنيد إرهابيين جدد، ويتابع Ayers قائلا:

((

في المملكة المتحدة يمثل هدف تكوين المجتمع متعدد الثقافات – الذي أعلنت الحكومة عن السعي إليه – يعتبر هدفا مشرفا، لا بد لنا جميعا من الاقتداء به. ولكن بعض التطبيقات للمجتمع متعدد الثقافات لم ترتق إلى المثالية، فلقد أسفرت حالة العزل للجالية المسلمة عن تكوين أرض خصبة للباحثين عن مجندين حدد، ليدخلونها ويقنعون الشبان المسلمين بتبني قضايا أكثر تطرفا. هكذا يبدو أننا لم نحقق نجاحا باهرا في تصحيح الدوافع الجوهرية لهذه الحركة الراديكالية.

-----------------فاصل----------------

ويذكر المحرر بأن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير – في كلمته أمام البرلمان في أعقاب هجمات لندن – شدد بأن بريطانيا لن تروعها التهديدات، واعدا في الوقت ذاته بأن الحرب على الإرهاب لن تتسم بالتمييز بحق المسلمين، ولن تقوض القيم المركزية للديمقراطية البريطانية، حين قال:

((

نحن متحدون في عزمنا على أن بلادنا لن تُهزم أمام مثل هذا الإرهاب، بل سوف تدحره، وتخرج من حالة الرعب هذه وقد حافظت على قيمنا، ونمط حياتنا، ومرونتنا، واحترامنا للآخرين

ولكن التوترات بين المسلمين وغير المسلمين ماضية في التزايد، ولقد تقدمت الحكومة للبرلمان بمشاريع تشريعات مثيرة للجدل، من شأنها تقييد بعض الحريات المدنية، ومن بينها حرية التعبير، ما جعل البعض يتساءل إن كانت هذه التدابير المضادة ستغير نسيج المجتمع البريطاني.

-------------------فاصل--------------

ويتابع المحرر Bransten في تقريره بأن مدى السماح للحكومات بتقليص الحريات العامة في الحرب ضد الإرهاب، وماهية الوسائل المقبولة في التعامل مع المشتبه في كونهم إرهابيين، قد تحولتا إلى قضايا مركزية في العديد من الدول ، ما يعلق عليه Robert Ayers بقوله:

((

ما من شيء يشكل خطرا على الديمقراطية مثلما تهدده قضايا النوايا الحسنة، ونحن هنا أمام قضية مثالية من هذا النوع، إذ أننا نخوض صراعا مع الإرهاب. وما نشاده الآن – خصوصا في الولايات المتحدة – يتمثل في توجه نحو المزيد من التطرف ونحو تقليص للحقوق المدنية.

أما الجنرال (جون أبي زيد) – قائد القيادة الأميركية الوسطى – فلقد وصف التحدي المتمثل في محاربة الجماعات الإرهابية المستغلة لنقاط الضعف في المجتمعات المفتوحة – وذلك في شهادته في أيلول أمام مجلس الشيوخ الأميركي، بقوله:

((

لقد طوروا حملة إعلامية ودعائية ، بالإضافة إلى حملة تبشيرية على شبكة الإنترنت، ووسائل تجنيد وتثقيف. لقد طوروا ملاذات آمنة – الجغرافية منها في مناطق نائية، والمبهمة منها على الإنترنت وفي عالم وسائل الإعلام. كما لديهم شركات وهمية، ويقومون بشراء ذمم السياسيين، ويجذبون الوسطاء والمهربين، ويتعاملون مع ممولين يحولون أموال المخدرات وغيرها من الأموال غير القانونية حول العالم، ولديهم منظمات غير حكومية متعاطفة معهم يقومون برعايتها من أجل نقل بعض أيديولوجيتهم البغيضة بأساليب بالغة الخبث حول المنطقة.

------------------فاصل--------------

ويمضي التقرير إلى التساؤل: ولكن هل علينا أن نحارب النار بالنار؟ ويوضح بأن نقاشات واسعة جرت على جانبي المحيط الأطلسي خلال العام الجاري، حول اللجوء إلى التعذيب، وما الذي يعتبر تعذيبا، وهل يمكن للحكومات تبرير استخدامه بحق مشتبه بهم، بهدف جني المعلومات أو منع وقوع هجمات. ولقد أظهر استطلاع للآراء أجرته مؤسسة AP/Ipsos بأن غالبية المشمولين في الاستطلاع في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية أكدت إمكان تبرير التعذيب في ظروف معينة. أما الرأي العام في كل من أسبانيا وإيطاليا فلقد وقف بحزم ضد أي نوع من أنواع التعذيب.
ويمضي التقرير إلى أن الإدارة الأميركية نفت بشدة جميع المزاعم بأنها تتقبل التعذيب ، إلا أن بعض كبار المسئولين دافعوا عن استخدام وسائل تصفها منظمات حقوق الإنسان بأنها لا إنسانية، كما أيدوا نقل المشتبه في كونهم إرهابيين إلى بلدان ثالثة لاحتجازهم واستجوابهم.
وكانت هذه السياسة أشعلت جدلا ساخنا في أوروبا إثر ورود تقارير مفادها أن مئات من الرحلات الجوية تحمل إرهابيين مشتبهين، تزودت بالوقود في الأراضي الأوروبية. كما أثار تقرير نشرته صحيفة Washingtom Post يدعي بأن وكالة الاستخبارات المركزية تدير سجون سرية في أوروبا الشرقية للمشتبه في كونهم إرهابيين، أثار ضجة أيضا، وهي ادعاءات نفتها الولايات المتحدة وجميع الحكومات الأوروبية الشرقية.

أما Robert Ayers فيعتبر أن في حال حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال هذه السياسة، فإن الأوروبيين يتحملون المسؤولية بقدر ما تتحملها الولايات المتحدة، ويوضح:

((

هناك انطباع، في وسائل الإعلام الأوروبية بشكل خاص، بأن نقل المشتبه بهم واحتجازهم في دول أخرى هو أمر تمارسه الولايات المتحدة بمردها، بدون علم ودراية الدول الأوروبية – الغربية منها والشرقية على حد سواء – التي تمارس فيها هذه السياسة. وهذا خطأ جوهري، فهذه العمليات لم تتم في غياب تواطؤ وتعاون الدول الشرقية، إلا أن الأمر لا يحلو لهذه الدول أن تروج لحدوثه.
أما المفارقة الأشد والأسوأ هي أن المسلمين يمثلون أكثرية من يعاني من الهجمات الإرهابية المستمرة بلا هوادة حول العالم، فمنهم ضيوف حفل الزفاف الذي استهدفه أحد تفجيرات عمان ، ومنهم من فقد عمله في الفنادق المصرية في أعقاب هجمات شرم الشيخ. وفي العراق، تستمر التفجيرات الانتحارية بشكل شبه يومي، كما دأب المفجرون الانتحاريون على تنفيذ الهجمات هذا العام في أفغانستان.
ويتابع المحرر بأن العمليات الاستخبارية الرامية إلى القبض على الفاعلين قد حققت بعض النجاح، ولكن الهدف الأوسع المتمثل في كسب الحرب على الإرهاب ما زال بعيد المنال مع اقتراب عام 2005 من نهايته، مع استمرار قادة الحكومات في جدلهم حول التعريف الدقيق للإرهاب، والأساليب الممكنة لمواجهته.

على صلة

XS
SM
MD
LG