روابط للدخول

خبر عاجل

تقرير بشأن التحقيق الدولي المرتقب في برنامج النفط مقابل الغذاء


ناظم ياسين

يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تشكيلَ لجنة مستقلة خلال الأسبوع الحالي للتحقيق في اتهامات الفساد الإداري التي تعرّض لها (برنامج النفط مقابل الغذاء) للاعتقاد بأنه استفاد بشكل كبير من نظام صدام حسين. ولكن لم يتضح لحد الآن مدى الدعم الذي سيحظى به هذا التحقيق المرتقب من قبل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذين كانوا يتمتعون بصلاحيات واسعة في منح العقود للشركات المتعاملة مع العراق وفقا للبرنامج الإنساني الدولي. وكان العديد من هذه الشركات ينتمي إلى دولٍ أعضاء في مجلس الأمن.
وفي التقرير الذي أعده مراسل إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، يقول روبرت ماكمان إن أنان بعث رسالة إلى مجلس الأمن حول مهام اللجنة التي سيشكّلها للتحقيق في اتهامات الفساد التي وّجهت ضد مسؤولين في الأمم المتحدة وشركات أجنبية تعاملت مع العراق بموجب برنامج (النفط مقابل الغذاء) الذي انتهى العمل به.
يشار إلى أن جميع العقود المتعلقة بمبيعات النفط العراقية كانت تُقرّ من قبل لجنة تابعة لمجلس الأمن تعرف باسم اللجنة 661. وكانت هذه اللجنة تشرف أيضا على معظم العقود المتعلقة بمشتريات المواد الإنسانية للعراق.
فريد إيكهارت، الناطق باسم الأمم المتحدة، أشار إلى وجود سببين ضروريين يستدعيان حصول اللجنة التحقيقية التي سيشكلها أنان على دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
أيكهارت :
"ليس من اختصاص أنان أو صلاحيته أن يوجّهَ البدءَ بتحقيقٍ في أعمال الحكومات أو الشركات الخاصة. وإذ قام بتشكيل هذه اللجنة فهو يبحث عن إشارةٍ من مجلس الأمن بصددها. ثانياً، ليس من المحتمل أن ينجح التحقيق دون التعاون التام من قبل الحكومات والشركات".
--- فاصل ---
التقرير يشير إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على العراق إثر غزو الكويت في آب 1990. وتم ربط قرار رفع العقوبات بتدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية. ومن أجل تخفيف معاناة المواطنين العراقيين، وافق المجلس في نهاية عام 1996 على برنامجٍ يُسمح بموجبه للعراق ببيعِ كميات من النفط لشراء المواد الغذائية والصحية.
وبعد فترة قصيرة من بدء العمل بهذا البرنامج الذي عُرف أيضا باسم مذكرة التفاهم، بدأ نظام صدام بفرض رسومٍ إضافية على الجهات التي كانت تشتري النفط العراقي الأمر الذي أتاح لهذا النظام أن يجني عائدات غير قانونية تراكمت مع مرور الوقت.
النظام العراقي السابق كان يبيع النفط بالأسعار التي توافق عليها الأمم المتحدة إلى عددٍ مما تُعرف بالشركات الوسيطة. وكان يطالب بدفعِ رسمٍ إضافي سري عن كل برميل تبيعه هذه الشركات بدورها إلى شركاتٍ أكبر تتعامل بتجارة النفط. وبعد عملية البيع النهائي، كانت الشركات الوسيطة تضع الرسوم الإضافية في حسابات مصرفية تابعة لنظام صدام.
وبهذه الطريقة، يُعتقد أن النظام العراقي السابق جنى نحو أربعة مليارات وأربعمائة مليون دولار، بحسب تقديرات مكتب المحاسبة العامة التابع للحكومة الأميركية.
التقرير يشير إلى أن الأمر الذي كان يعقّد هذه العملية هو أن العديد من الوسطاء المستفيدين من تجارة النفط العراقي كانوا من روسيا والصين وفرنسا، وهي دول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما تبين أن الولايات المتحدة التي عملت على إبقاء العقوبات الاقتصادية الدولية كانت من الأسواق الرئيسية التي تشتري النفط العراقي.
وفي هذا الصدد، تشير إحصائيات وزارة الطاقة الأميركية إلى أن الولايات المتحدة استوردت في عام 2001، على سبيل المثال، ثمانية ونصف بالمائة من احتياجاتها النفطية من العراق.
--- فاصل ---
المحلل جون فان شايك الذي أجرى دراسات عن برنامج (النفط مقابل الغذاء) لصالح أحد المراكز التي تتخذ نيويورك مقرا وتعرف باسم (مجموعة معلومات الطاقة) قال في مقابلة مع إذاعة أوربا الحرة/ إذاعة الحرية إن أوساط الصناعيين والدبلوماسيين كانت على علمٍ بالفساد الإداري في البرنامج.
فان شايك :
"من الأمور التي تبعث على السخرية أن الجميع كانوا يعلمون بأن كثيرا من الأمور الخاطئة كانت تجري في البرنامج. وأنا مندهش لأن العالم بدأ يعلم ذلك بشكل مفاجئ.. من الواضح، كانت الأمور نتِنة طوال سنوات".
المحلل فان شايك أشار أيضا إلى كميات النفط المهرّبة إلى سوريا وتركيا والأردن والتي كان يُعرف بها على نطاق واسع . وذكر أن إعادة فتح خط الأنابيب بين العراق وسوريا في أواخر عام 2000 جعل منه أكبر مصدر للتهريب.
فان شايك :
"لقد كنا على علمٍ بالإنتاج السوري. وكنا نعلم كمية الاستهلاك المحلي في سوريا. وكنا نعلم حجم صادراتهم ووارداتهم. لذلك فإن ارتفاع الصادرات عن حجم الإنتاج ناقصا منه الاستهلاك المحلي يعني أن الكمية المتبقية جاءت من العراق".
يذكر أن الولايات المتحدة وبريطانيا مارستا ضغوطا على دمشق لوقف النفط المتدفق من العراق عبر هذا الأنبوب وذلك بعدما انضمت سوريا إلى عضوية مجلس الأمن في كانون الثاني 2002. لكن سوريا نفت قيامها بشراء نفط عراقي خام. وبعد ذلك،لم تتابع واشنطن ولندن هذا الموضوع بشكل مكثّف. فيما أشارت تقديرات مكتب المحاسبة العامة التابع للحكومة الأميركية إلى أن العراق قام بتهريب نفطٍ بقيمة خمسة مليارات وسبعمائة مليون دولار خارج إطار برنامج (النفط مقابل الغذاء) وذلك عبر سوريا والأردن وتركيا.
ديفيد كورترايت شارك في تأليف كتابٍ عن العقوبات الاقتصادية الدولية ويرأس مركزا للبحوث يُعرف باسم (منتدى الحرية الرابعة). وفي مقابلة مع إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية، قال إن مجلس الأمن كانت لديه الفرصة لغلق أنبوب النفط السوري وفرض قيود أكثر صرامةً. لكنه لم يفعل ذلك.
وأضاف أن أحد العيوب الرئيسية لبرنامج (النفط مقابل الغذاء) هو هيمنة اللجنة التابعة لمجلس الأمن على عملية إقرار العقود.
كورترايت :
"كانت لجنة العراق بمثابة لجنةٍ للتخطيط المركزي على غرار ما كان معمولا به في الاقتصاد السوفياتي القديم. أي أنها تتخذ قرارها بشأن كل عقد من العقود التي تشمل جميع قطاعات الاقتصاد العراقي. ومن الطبيعي أن يكون مثل هذا النظام غير كفوء فضلا عن تعرضه للفساد الإداري".
التقرير الذي أعده مراسل إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية في نيويورك ختم بالإشارة إلى أن التحقيق الذي ستجريه الأمم المتحدة في الفساد الإداري المزعوم لبرنامج (النفط مقابل الغذاء) يتزامن مع تحقيقات أخرى سيجريها مجلس الحكم الانتقالي في العراق والكونغرس الأميركي والبنتاغون.

على صلة

XS
SM
MD
LG