روابط للدخول

خبر عاجل

الجزء الثاني من تحقيق عن الجدل المستمر دوليا حول مبررات الحرب على العراق قبل عام


ميسون أبو الحب

بعد عام على ابتداء الحرب في العراق في العشرين من شهر آذار من عام 2003 القرار المشترك الذي اتخذته الولايات المتحدة وبريطانيا باسقاط نظام صدام حسين، ما يزال مسألة حاسمة. مؤيدو هذا القرار يقولون إن واشنطن ولندن تصرفتا كقوات محررة بينما يقول معارضوه إن هذه العملية الفردية تقارب الامبريالية. لكن ورغم استمرار هذا النقاش بين الطرفين، بدأت المجموعة الدولية تتعامل مع نتائج هذه الحرب. مراسل إذاعة اوربا الحرة إذاعة الحرية شارلز ركناغل وضع سلسلة من التقارير بمناسبة مرور عام على ابتداء الحرب أعرض لكم في ما يلي الجزء الثاني منها. الجزء الاول قدمته لكم يوم أمس:

كي نتذكر كم من الجدل أثار قرار واشنطن ولندن باجتياح العراق واحتلاله، ما علينا الا العودة إلى الفترة السابقة للحرب.

في تلك الفترة عندما بدا واضحا ان 200 ألفا من القوات الأميركية والبريطانية المحتشدة على الحدود الكويتية ستدخل العراق بموافقة الامم المتحدة أو بدونها، لم يتمكن وزير خارجية فرنسا من كتم احساسه بالاحباط.

في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة في اواسط شهر شباط من عام 2003 كرر وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان رأي باريس بان مفتشي الأسلحة كانوا يحتوون أي تهديد من صدام وأنهم طريقة افضل من التدخل المسلح.

دومينيك دو فيلبان قال:

031748 فيلبان

" على العكس، تمثل أعمال التفتيش طريقة بديلة تسمح لنا بالاقتراب اكثر فاكثر ويوما بعد يوم من تجريد العراق من اسلحته بطريقة فعالة وسلمية. علينا ان نسأل انفسنا: أليس هذا الخيار هو الأنجع والاسرع؟ ".

غير ان وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي تحدث في جلسة مجلس الأمن نفسها قال إن صبر واشنطن قد نفد. باول القى اللوم على العراق لاخفاقه في التعاون مع مفتشي الأسلحة وقال إن استخدام أي طريقة غير القوة لحل هذه المشكلة سيعني تجاهل المشكلة.
باول قال:

031749 باول:

" الوضع الآن هو ان العراق يستمر في عدم الامتثال وفي عدم التعاون. يبدو لي باوضح التعبيرات ان هذا الوضع يقتضي من المجلس ان يبدأ بالتفكير بنتائج تجاهل هذه المشكلة أو بحقيقة ان علينا مواجهتها ".

بعد عام ظل هذا الاختلاف في الاراء مستمرا وظهر في المواقف الرسمية للعديد من الدول ازاء الحرب في العراق. منذ ذلك الوقت الدول التي أيدت الاجتياح الأميركي البريطاني ومن اهمها ايطاليا وبولندا واسبانيا، ارسلت قوات للمساهمة في اعمار البلاد.

غير ان العواصم التي عارضت الاجتياح قبل عام ما تزال تدعو واشنطن إلى تسليم مهمة الاشراف على أمن العراق إلى حلف شمالي الاطلسي أو إلى الامم المتحدة.

برلين قالت إنها لا تعتقد ان لالمانيا دورا في القوات العسكرية في العراق غير انها أشارت إلى انها لن تعرقل نشر حلف شمالي الاطلسي قوات هناك شرط الحصول على موافقة بالاجماع من دول الحلف. باريس من جانبها قالت إنها قد تفكر في نشر الحلف قوات في العراق لو صادقت على مثل هذا الطلب حكومة عراقية ذات سيادة إلى جانب الامم المتحدة. باريس هي الاخرى لم تعرض إرسال قوات إلى العراق. أما اسبانيا فقال رئيس وزرائها الجديد الذي انتخب خلال هذا الاسبوع إنه سيسحب قوات بلاده من العراق الا اذا تكفلت الامم المتحدة بشأن العراق في وسط هذا العام.

روسيا ودول عربية عديدة ممن دعوا إلى حل الازمة العراقية داخل اطار الامم المتحدة لم يظهروا من جانبهم أي رغبة في المشاركة بقوات عسكرية في ظل الاحتلال الأميركي للعراق.

لكن ورغم ان المجموعة الدولية ما تزال منقسمة على نفسها ازاء القضية العراقية بعد مرور عام على الحرب الا ان هذه المجموعة اصبحت تتعامل مع نتائجها.

احدى الاشارات على وجود قبول بالوضع الحالي ظهرت في منتصف شهر تشرين الاول الماضي عندما اعتمدت الامم المتحدة بالاجماع قرارا قدمته الولايات المتحدة يدعم تسليم السلطة بشكل تدريجي إلى العراقيين ويشجع على تقديم الدعم الدولي لاعمار العراق وحفظ السلام فيه.

بعد التصويت وصف الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان الذي كان ينتقد السياسات الفردية للولايات المتحدة ولبريطانيا، وصف القرار بكونه اشارة على رغبة المجموعة الدولية في وضع مصلحة الشعب العراقي فوق كل الخلافات السياسية. وقال أنان:

031750 أنان:

" هذه النتيجة تعبير واضح عن رغبة جميع اعضاء مجلس الأمن في وضع مصلحة الشعب العراقي فوق كل الاعتبارات الاخرى. هدفنا المشترك هو إعادة السلام والاستقرار إلى عراق ديمقراطي مستقل ويتمتع بالسيادة في أسرع وقت ممكن ".

بعد اسبوع واحد تعهدت الولايات المتحدة ودول أخرى بتقديم مبلغ يتجاوز 33 مليار في شكل منح وقروض لاعمار العراق في مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في مدريد. ورغم ان الولايات المتحدة قدمت خمسين بالمائة من هذا المبلغ غير ان المسؤولين الأميركيين اعتبروا هذه النتائج اشارة إلى تزايد الرغبة العالمية في المشاركة في تحمل عبء الاعمار المالي.

في هذه الأثناء تعرضت الولايات المتحدة داخل العراق إلى ضغط متزايد للقبول بمشاركة دولية اوسع في التطورات السياسية في البلاد. قادة العراق طلبوا من الامم المتحدة في شهر شباط الماضي المشورة في مسألة اجراء انتخابات عامة ووافقوا على النتائج التي توصلت اليها وهي عدم امكانية تنظيم انتخابات ذات مصداقية قبل موعد نقل السلطة إلى حكومة عراقية في الصيف المقبل.

من المبكر الآن تحديد السرعة التي سيتحول فيها العراق إلى بلد يعتبره الاخرون مسؤولا بشكل كامل عن شؤونه. المسؤولون الاميركيون والبريطانيون قالوا إن هناك حاجة إلى قوات متعددة الجنسيات للحفاظ على الاستقرار في العراق على مدى سنتين قادمتين في الاقل.

موعد تشكيل الحكومة الجديدة في العراق يقترب ويبدو العراقيون انفسهم متلهفين إلى وضع سياساتهم بانفسهم.

استطلاع للاراء أجرته مجموعة من المؤسسات الدولية اظهر ان الاغلبية تعتبر الاجتياح الأميركي البريطاني تدخلا ايجابيا غير ان هذه الاغلبية تعارض استمرار وجود السلطات الاجنبية في البلاد.
بالتحديد، قال 49 بالمائة ممن شملهم استطلاع الاراء إن الاجتياح كان امرا صائبا مقابل 39 بالمائة قالوا إنه كان امرا خاطئا. بينما قال 51 بالمائة إنهم يعارضون استمرار وجود القوات الاجنبية في العراق مقابل 39 بالمائة ايدوا هذا الوجود.

على صلة

XS
SM
MD
LG