روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثالث: قضية الأسرى الكويتيين المحتجزين في العراق


بعد مضي اثنتي عشرة سنة على إخراج القوات العراقية من الكويت، يبقى احتجاز أكثر من ستمائة أسير كويتي أمراً لم تستطع بغداد تفسيره بعد. إذ يتوجب على العراق بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي إطلاق سراح الذين ما يزالون على قيد الحياة، أو تقديم بيانات حول الذين قضوا منهم. فإخفاق بغداد في تنفيذ هذه الالتزامات يعد واحداً من الأسباب التي تقف وراء دعم الأغلبية الساحقة من الكويتيين لحرب تقودها الولايات المتحدة تهدف إلى إطاحة الزعيم العراقي (صدام حسين). مراسل إذاعة أوروبا الحرة / إذاعة الحرية (رون سيلوفيس) كتب من الكويت التحقيق التالي الذي أعده ويقدمه فيما يلي (جهاد عبد الكريم).

تجهش رجاء مرزوق بالبكاء حالما تتحدث عما جرى لإبنها أحمد الفهيد في بواكير عام واحد وتسعين إبان الإحتلال العراقي للكويت.. كان الفهيد طالباً يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً حينما قامت القوات العراقية بإلقاء القبض عليه وإتهمته بالعمل مع المقاومة الكويتية...
الوثائق العراقية التي تم الإستيلاء عليها بعد حرب الخليج تثبت ان ولدها تم نقله الى سجن في مدينة البصرة عندما إنسحب الجيش العراقي من الكويت.. فإن كان ما يزال حياً ومسجوناً في أحد السجون العراقية، سيكون في الحادية والثلاثين من عمره في الوقت الحاضر، ومثل أمه مثل العديد من الكويتيين الذين يغيظهم عدم إنصياع بغداد في هذا الشأن، فهي ترى ان حرباً تقودها الولايات المتحدة من أجل الإطاحة بصدام تمثل الفرصة الأخيرة بالنسبة اليها لمعرفة مصير إبنها وبقية الأسرى الكويتيين.

"We are not afraid of the war. If the war will bring back our missing loved ones, or let us know about what has happened to them, it is all right. We welcome the war. Saddam didn't do anything good to this country. He hasn't done anything good for his neighbors. I am praying to God that we will get rid of Saddam because our beloved ones were collected from the streets and the schools, from anywhere, without committing any crimes. All we want now is to know something about the fate of our beloved ones. We cannot accept it when Saddam says that he doesn't know anything about them."

بغداد تدعي ان جميع الأسرى الكويتيين الذين تم نقلهم الى سجون عراقية إبان فترة الإحتلال قد هربوا أثناء إنتفاضة الشيعة الفاشلة ضد نظام صدام في آذار من عام واحد وتسعين.. وتقول بغداد أيضاً ان جميع سجلاتها حول هؤلاء الأسرى قد تم إتلافها أثناء عمليات الشغب التي قام بها الشيعة في تمردهم، كما تدعي ان المواقع التي تم فيها دفن من مات من الأسرى قبل إندلاع الإنتفاضة لايمكن الوصول إليها لأنها قد غطيت بحقول ألغام.
إلا ان رئيس وفد المفاوضين الكويتيين مع العراق محمد الحداد، يتهم العراق بالكذب ويقول ان نظام صدام غير متعاون في هذا الموضوع:
"في الحقيقة، الكويتيون جميعاً يتألّمون بسبب هذا، ويعتقدون ان الحكومة العراقية، النظام العراقي، السلطات العراقية غير صادقة في التعامل مع القضايا كافة، وليس مع قضية الأسرى فقط، مع جميع القضايا بما في ذلك نزع الأسلحة، إنهم يناورون، ولايقولون الأشياء بوضوح وصراحة، إنهم غير صادقين حتى مع أنفسهم."

ومحمد الحداد عضو في اللجنة الوطنية الكويتية لشؤون الأسرى والمفقودين، يقول انه يعتقد ان بعضاً من الأسرى الكويتيين مايزال حياً في السجون العراقية، ويعتقد ان صدام يقوم بإحتجازهم من أجل إستخدامهم كجزء من صفقة في المستقبل، كما أكد ان الكويت سوف لن تتوقف عن السعي لإكتشاف حقيقة ما حدث لهم:
"قضية الأسرى قضية حاسمة بالنسبة لنا، نهتم بها، وسنتابعها حتى نصل الى نهاية ملائمة لها."


ويقول عبد الحميد العطار ان لديه إحساساً أكيداً ان العراق يكذب بشأن الأشخاص المفقودين لأنه تعرض مراراً لأكاذيب بخصوص قضية إحتجاز إبنه... ففي شهر أيلول من عام تسعين قامت القوات العراقية بإلقاء القبض على إبنه الطالب اليافع في مدينة الكويت على خلفية كونه عضواً في المقاومة الكويتية، فبالرغم من قيام القوات العراقية المحتلة لمرات عديدة بإنكار إلقاء القبض على إبنه، إستطاع هذا الرجل في بواكير عام واحد وتسعين أن يعرف السجن الذي كان إبنه محتجزاً فيه...
ويقول العطار أنه أجرى نقاشاً حامياً مع حراس السجن العراقي عندما أنكروا معرفة أي معلومة تخص إبنه، وعندذاك سمع الإبن صوت أبيه، فما كان عليه إلا ان أطلق صيحات الإستغاثة من داخل زنزانته...ويضيف العطار ان أحد أفراد الحرس العراقي قام بسحب مسدسه وأطلق النار على قدمه وأخبره ان الطلقة التالية ستكون في رأسه إن لم يغادر فوراً، ويتابع العطار قائلاً ان تلك كانت المرة الأخيرة التي سمعت فيها صوت إبني.
في عام 1996 إعترفت السلطات العراقية ان إبن العطار أخذته القوات العراقية المنسحبة معها الى داخل العراق... وكانت قضيته واحدة من بين 126 قضية قام العراق بالإجابة عنها ولو بشكل غير حاسم، عندما تم تقديمها مرفوقة بدليل عثر عليه في الوثائق العراقية التي سبق وان إستولت عليها الحكومة الكويتية... إلا ان بغداد ماتزال مستمرة بإنكار معرفة أية معلومات حول مكان وجود إبن العطار، فبغداد لم تقدم إجابات عن 479 من القضايا الأخرى... وهذا ما جعل العطار حائراً بشأن قلة الضغوط التي يسلطها المجتمع الدولي على العراق كي يفي بإلتزاماته الدولية فيما يخص الأشخاص المفقودين:
"لماذا لم يتضمّن قرار الأمم المتحدة رقم 1441 قضية الأسرى بحد ذاتها كفقرة ؟ فالأمم المتحدة والدول الأوروبية وأي شخص في العالم يتحدثون عن ان صدام يجب أن يتعاون مع المفتشين، ويجب ان يتخلى عن أسلحة الدمار الشامل... إلا أنهم لايحضونه بما فيه الكفاية من أجل حل المشاكل مع الكويت."

رئيس وفد المفاوضين الكويتيين يرى ان الجواب واضح:
"إن نزع الأسلحة شيء مختلف عن قضية الأسرى، ولهذا السبب فهي تحظى بإنتباه العالم وإهتمامه مقارنة مع قضية الأسرى، لكني لا أريد القول أننا لوحدنا، فقد حصلنا على بعض المساعدة من رؤساء الدول العربية، ومن الصين واليابان وكوريا الشمالية وكوريا الشمالية وحتى من روسيا، ومما لاشك فيه من الولايات المتحدة، إلا انهم لايستطيعون عمل الكثير من أجل هذه القضية، وليس بإمكانهم القول إذا لم تقم بإطلاق سراح ستمئة وخمسة من الأسرى، فإننا سنشن حرباً عليك، لكنهم يستطيعون قول ذلك عندما يتعلّق الأمر بأسلحة الدمار الشامل."



محمد الحداد يقول ان من المحبط للكويتيين أن يروا إن قضية المفقودين يتم التعامل معها بأولوية أدنى من إلتزامات العراق في نزع الأسلحة، وان الكويتيين يريدون رؤية العراق وهو يمتثل لجميع شروط الإستسلام التي وافق عليها في نهاية حرب الخليج الثانية:
"لدينا قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بأسرى الحرب ذات الأرقام 1284 و686 و 687، وهي لاتشكّل أولوية بالنسبة للعراقيين، أنهم إزاء إلتزامات، إذ يتوجّب عليهم تنفيذ هذه القرارات، لكنهم لايريدون تنفيذها الآن."

التحقيقات التي تجريها منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية ومراقبة حقوق الإنسان تؤكد ان أكثر من ستمائة من الكويتيين الذين تم إحتجازهم من قبل العراقيين في عامي تسعين وواحد وتسعين، لم يتقرر مصيرهم بعد منذ إنسحاب القوات العراقية من الكويت.
وقد نصّ تقرير أصدره المقرر الخاص للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في شهر آب من عام 2000 ان نظام صدام لديه القدرة على تحديد مصير وأماكن وجود أؤلئك المفقودين، وجاء في التقرير أيضاً ان ماتفتقر اليه السلطات العراقية هو الرغبة السياسية الضرورية في إبداء التعاون.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي من المفترض أن تمنح إذن الدخول الى الأسرى كشرط من شروط إستسلام العراق في عام واحد وتسعين، هي الأخرى إشتكت مراراً حول عدم إمتثال العراق.
وفي شهر كانون أول عام 2001، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من حكومة صدام أن تتعاون مع اللجنة الخاصة التي تم تشكيلها لمعرفة أماكن وجود عدة مئات من الأشخاص المفقودين، وتكونت هذه اللجنة الثلاثية من العراق والكويت بالإضافة الىالمملكة العربية السعودية، ويقوم مسؤولون من الولايات المتحدة وبريطانيا بمراقبة إجتماعاتها.
ويفيد محمد الحداد انه إجتمع مع مسؤولين عراقيين إثنتين وستين مرةً في غضون الإثني عشر عاماً الماضية لمناقشة مصير المفقودين، لكنه أضاف ان تلك المحادثات لم تثمر عن أي شيء جديد، وان كل ماسمعه من الجانب العراقي كان عبارة عن إعتذارات... وأضاف الحداد ان آخر إجتماع كان قد عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان وإدعى فيه أحد نظرائه العراقيين انه نسي وثائق مهمة كان قد وعد بتسليمها..وقد إنتهت جولة المحادثات تلك بإتهام وجهه رئيس الوفد الكويتي إبراهيم الشاهين الى بغداد يرى فيه أن العراق قد أخفق مرة أخرى في إبداء التعاون، فيما رفض الوفد العراقي التعليق على ذلك.
هذا ومن المقرر ان يلتئم الإجتماع المقبل للجنة الثلاثية في الثاني من شهر آذار.. ويؤكد محمد الحداد ان غضب الكويتيين بشأن المفقودين موجّه الى نظام صدام حصراً وليس الى المواطنين العراقيين العاديين:


"Historically speaking, Kuwait is a good friend of the Iraqi people, as the Iraqi people are good friends to us. We have been living in peace with the Iraqi people. We love the Iraqi people, as the Iraqi people love us. We share the same problem. We share the problem of this regime [of Saddam Hussein]. This regime is giving us a hard time, as Saddam is giving the Iraqi people a hard time. We still have a problem that is not yet solved with the Iraqi regime -- the POWs issue. We look forward to having help from the Iraqi people, and if they help us, we definitely will never forget this. God willing, the end of this regime will arrive and there will be new hope for all Iraqis to live in peace and in democracy."

ومثل أغلب أقرباء أؤلئك المفقودين، خلص الحداد الى ان تغيير النظام في بغداد ربما يمثل الأمل الأخير في إكتشاف حقيقة مصير أحبائهم.

على صلة

XS
SM
MD
LG