روابط للدخول

خبر عاجل

مواجهة الجنود الأطفال في جيش صدام


أصدر معهد Brookings أخيراً بحثاً بعنوان (مواجهة الجنود الأطفال في جيش صدام) لـ Peter Singer - الزميل الأقدم في المعهد لدراسات السياسة الخارجية - يؤكد فيه بأن إرسال الأطفال إلى الحرب بات أسلوباً متبعاً في الحروب الحديثة رغم الإجماع العالمي بعدم أخلاقياته. كما يؤكد بأن هناك نحو 300 ألف طفل دون الـ 18 من عمرهم -من ذكور وإناث- يعملون كمقاتلين حول العالم، في نحو 75% من الحروب الحالية، وأن حرباً في العراق لن تساهم سوى في زيادة هذه الأرقام. ونقدم لكم فيما يلي، مستمعينا الكرام، مراجعة لما ورد في البحث، وخصوصا سبل مواجهة القوات الأمريكية لمثل هؤلاء الجنود الأطفال، وذلك ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (العراق في دور الفكر والنشر).

يقول الباحث إن نظام صدام حسين دأب خلال العقد المنصرم - ومع سبق الإصرار - على تهيئة الأرضية لاستخدام الجنود الأطفال - الذين يعرفهم القانون الدولي بأنهم دون ال18 سنة ومجندين في تنظيم مسلح - وذلك من خلال برنامج واسع من التجنيد والتدريب.
فلقد قام النظام العراقي منذ أواسط التسعينات بتنظيم معسكرات تدريب لآلاف الصبيان العراقيين، حيث يتم تدريبهم - علما بأن بعضهم لم يكد يتجاوز العاشرة من عمره - طوال الأسابيع الثلاثة المخصصة لكل معسكر، على التدريب العسكري واستخدام الأسلحة الخفيفة، تتخللها جرعات كبيرة من التلقين السياسي البعثي.

--- فاصل ---

أما الأسباب التي تجعل العراق يعد برنامجاً لتجنيد وتدريب الجنود الأطفال، فمن بينها أن الأنظمة الشمولية تتعمد بشكل عام وضع بلادها في حالة حرب مستمرة بهدف ضمان السيطرة على المجتمع، وهو وضع يبرر ممارسة السيطرة العمودية الصارمة ويساهم في تحويل التوترات الداخلية نحو الخصوم في الخارج.
أما تجنيد وتدريب وتلقين الأطفال فيتيح للنظام تعميق قبضته على المجتمع العراقي، علماً بأن نصف عدد سكان العراق لم يبلغ بعد الثامنة عشرة من عمره.

وبالإضافة إلى برامج التدريب هذه، قام العراق أيضاً بتأسيس عدد من الوحدات العسكرية المؤلفة من الجنود الأطفال، ومنها حركة (الفتوة) الهادفة إلى تأسيس تنظيم شبه عسكري يضم أطفالاً في المرحلة الدراسية الثانوية لا تتجاوز أعمار بعضهم 12 عاما.
ويؤكد الباحث بأن وحدات هذا التنظيم تم استخدامها في الفترات العصيبة التي مرت بالقوات العراقية إبان الحرب مع إيران في الثمانينات.
أما أهم وحدات الجنود الأطفال العراقية فتعرف باسم (أشبال صدام) وهو تنظيم حديث نسبياً تم تشكيله في أعقاب هزيمة 1991 حين تزعزعت قبضة النظام على السلطة.
و يوضح الكاتب بأن تنظيم (أشبال صدام) يضم صبية تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة، يتم إرسالهم إلى معسكرات تدريب عسكرية حيث يتعلمون استخدام الأسلحة الخفيفة ومناورات المشاة.
ويروي الباحث أن ساعات التدريب العسكري والتلقين السياسي فقد تصل إلى 14 ساعة في اليوم، تتخللها أساليب تدريب تهدف إلى القضاء على نفور الشباب من العنف، بما في ذلك تعريضهم المتكرر إلى الضرب وإلى ممارسة الأذى المتعمد على الحيوانات. ويشير الباحث الى أن تنظيم (أشبال صدام) يقوم بدوره بتغذية صفوف تنظيم (فدائيي صدام) بالأفراد، وهو تنظيم شبه عسكري يسيطر عليه عدي صدام حسين.
ومن أجل الاطلاع على رأي خبير عراقي في مجال حقوق الإنسان، عن احتمال لجوء الرئيس العراقي إلى زج الجنود الأطفال في المعارك المحتملة، اتصلنا بالدكتور صاحب الحكيم، فعبر لنا عن رأيه التالي:

(تعليق الدكتور صاحب الحكيم)

--- فاصل ---

وينبه الباحث إلى أن لجوء العراق إلى استخدام الجنود الأطفال سيشكل تحديا كبيرا للسياسة الإعلامية الأميركية، فقيام هذه القوات بمحاربة جنود أطفال ستعتبر كارثة، مهما كانت تبريرات المهمة ومهما بلغت نسبة التأييد لها. ولكون الحرب المحتملة ستكون على شكل غزو قوات غربية لدولة عربية، فإن صدى سقوط أي من الجنود الأطفال سيصل إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي.
ويؤكد الباحث أيضا بأن حربا في العراق ستضع القوات الأميركية في وضع تواجه فيه مخاطر حقيقية من خصوم لا تريد إيذاءهم، فرغم كونهم صغار السن، إلا أنهم – ونتيجة مدى فتك الأسلحة الحديثة وسهولة استخدامها – لا يمكن غض النضر عن كونهم يشكلون تهديدا عسكريا حقيقيا.
وعلى الولايات المتحدة بالتالي أن تستعد لمواجهة مدى تأثير مسألة الجنود الأطفال على الرأي العام العالمي، إذ يمكنها أن تنهزم بسهولة في هذا الجانب من الحرب الإعلامية، كما عليها أن تواجه هذه القضية بالوسائل الدبلوماسية. وهذا يعني سعيها إلى حشد الأمم المتحدة والقادة السياسيين العرب والعلماء المسلمين، ليساهموا في التنديد بهذه المخالفة الواضحة للقانون الدولي وللشريعة الإسلامية. وينسب الباحث إلى Desmond Tutu – الحائز على جائزة نوبل للسلام – قوله إن قيام الكبار باستخدام الأطفال في خوض حروبهم سلوك لا أخلاقي، فليس هناك أي مبرر على الإطلاق لتسليح الأطفال.

--- فاصل ---

ويعتبر الباحث أن احتمال مواجهة جنوداً أطفالاً عراقيين يتطلب أيضاً أجراء بعض التعديلات في أساليب القتال، ومنها:

1 - التعرف على التهديد المتمثل في الجنود الأطفال , إذ تتطلب وسائل حماية القوات، مثلاً، منع الأطفال العاديين من التوغل بين المتظاهرين المعادين، وإخضاع الأطفال إلى نفس شروط التفتيش والتدقيق المفروضة على الكبار في نقاط التفتيش.

2 - استخدام عناصر التخويف أولاً بدلاً من قوة السلاح، فحين تدخل القوات الأمريكية في مواجهة فعلية مع قوات من الجنود الأطفال يترتب عليها معالجة الموقف عن بعد بهدف إلحاق الصدمة بهذه الوحدات، وذلك باستخدام نيران المدفعية - بما فيها الدخان _ بشكل استعراضي.

3 - التركيز على القادة الكبار لوحدات الجنود الأطفال , أي حين يتحتم على القوات الأمريكية الدخول في مواجهة مباشرة مع هذه الوحدات , عليها أولاً أن تستهدف الكبار وتقضي عليهم باعتبار انهم يشكلون مركز ثقل هذه الوحدات.

4 - استخدام الأسلحة غير الفتاكة حيثما أمكن في مواجهة مثل هذه الوحدات.

5 - استخدام الأساليب النفسية بغية اقناع الجنود الأطفال بالتخلي عن القتال وبترك وحداتهم. ولابد في مثل هذه الحالات تسليم هؤلاء الجنود الأطفال المستسلمين الى المختصين بالرعاية الصحية والنفسية.

6 - توضيح الظروف المؤدية الى وقوع مواجهة مع وحدات جنود الأطفال , مع تركيز الناطقين العسكريين على الجهود المتبعة في الحفاظ على حياة هؤلاء الأطفال , ومع التذكير بان الجنود الأطفال المسلحين لا يقلون خطراً عن الكبار.
وعلى الحملة ألأعلامية أن تركز على الأسلوب المتعمد الذي يتبعه صدام حسين في خلق هذه المشكلة وهو على يقين من أن الأمر سيؤدي الى وفاة أطفال.

وحول السبل المتاحة لقوات التحالف لمعالجة مثل هذه المواقف، يقول الدكتور صاحب الحكيم:

(تعليق الدكتور صاحب الحكيم)

ويخلص (سنكير) في بحثه الى أن المكان الملائم للأطفال ليس ساحات القتال , ولكن الاحتمال قائم بانهم سيشاركون في أي حرب مع العراق , وأن السؤال الوحيد هو أن كانت القوات الأمريكية مستعدة للتعامل مع هذا الاحتمال.

على صلة

XS
SM
MD
LG