روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثالث: المشاكل المتوقعة لأي عملية عسكرية محتملة ضد العراق


أعد قسم الأخبار والتحليلات في إذاعة أوروبا الحرة تقريراً يتناول المشاكل المتوقعة لأي عملية عسكرية محتملة ضد العراق، واستعدادات الطوارئ المعدة من قبل منظمات الإغاثة . (اياد الكيلاني) أعد عرضاً لهذا التقرير.

تتوقع الوكالات الإنسانية العالمية أن تسفر أي حرب في العراق عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، ليس فقط نتيجة القتال الدائر حولهم، وإنما نتيجة انهيار البنية التحتية الهشة المتعلقة بالخدمات الغذائية والصحية. ومن أجل التعرف على المشاكل المتوقعة واستعدادات الطوارئ المعدة، تحدث مراسل إذاعة أوروبا الحرة / إذاعة الحرية Charles Recknagel مع عدد من منظمات الإغاثة المعنية.
يقول المراسل إن بعض الخطط التي تضعها الأمم المتحدة لمعالجة الأحوال الطارئة الجسيمة المتوقعة نتيجة الحرب، قد تم تسريبها إلى وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية، بما فيه وثيقة سرية أعدتها مجموعة طوارئ خاصة، تقدر فيها أن الإصابات بين صفوف المدنيين نتيجة القتال بين قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الموالية للرئيس العراقي صدام حسين ستبلغ نحو 100 ألف إصابة. أما الإصابات غير المباشرة فقد تبلغ – بحسب دراسة الأمم المتحدة – نحو 400 ألف مواطن عراقي، والمقصود هنا الأشخاص الذين يتعرضون إلى حوادث أو حالات مرضية ناجمة عن تعطل نمط الحياة اليومية والخدمات الطبية العادية.
ويوضح المراسل أن الوثيقة نشرت على شبكة الإنترنت دون موافقة الأمم المتحدة، ولكن مسؤولين في المنظمة أقروا صحتها، مشيرين إلى أن الأمم المتحدة لم تروج لخططها، نتيجة عدم رغبتها في التنويه بأنها تعتبر حربا في العراق احتمالا حقيقيا في الوقت الذي تتزعم فيه الحلول الدبلوماسية.

--- فاصل ---

غير أن عددا من المنظمات الخيرية الغربية لم تتردد في نشر تفاصيل خططها، فهي تحذر من أشهر عديدة من خطورة العواقب الإنسانية الناجمة عن عمل عسكري في العراق ومن الصعوبات التي ستواجهها منظمات الإغاثة في معالجتها.
وينسب مراسل الإذاعة إلى Brendan Paddy – المتحدثة باسم منظمة Save the Children البريطانية – قولها إن منظمات الإغاثة قلقة بالدرجة الأولى من تعرض البنية التحتية الغذائية والطبية إلى مزيد من الانهيار، موضحة:
"البنية التحتية منهارة في مجملها، وهو وضع لا يمكنك توقعه في بلد مثل العراق الذي كان يفترض انتماؤه إلى دول الدخل المتوسط نتيجة تمتعه بثروته النفطية. وفي وسط البلاد وجنوبها، هناك أضرار وقعت في حرب الخليج الأخيرة لم يتم إصلاحها بعد. لذا فهناك شبكات كهرباء معرضة إلى العطل الكامل في الوقت الذي تعتمد عليه الرعاية الصحية بصورة شبه كاملة."

وتتابع Paddy في حديثها مع المراسل:
"إذا عجزت المستشفيات عن الحصول على الطاقة الكهربائية وهي لا تمتلك مولدات، فسوف تعاني متاعب جسيمة في معالجة أي شخص يعاني من أية إصابة تتجاوز حد الإصابة البسيطة. كما إن البنية التحتية في مجال الصرف الصحي منهارة هي الأخرى، ففي بغداد – وفي أربيل أيضا – تتعرض الشوارع إلى الانغمار بالمياه الثقيلة خلال موسم الشتاء، ما يشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة."

--- فاصل ---

ويمضي Recknagel في تقريره إلى أن البنية التحتية في مجالات الكهرباء والماء والصرف الصحي والصحة والمواصلات تعمل بالحد الأدنى من طاقاتها نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة على العراق منذ عقد من الزمن. ويحذر مسئولو الإغاثة أيضا من أن النسبة الأكبر من السكان تعيش في حالة من الفقر، الأمر الذي يعني عدم تمكن الناس من تكديس أو خزن المواد الغذائية لتفادي حالات سوء التغذية في حال تعطل سبل توزيع المواد الغذائية. وينبه التقرير إلى أن سوء التغذية يزيد من احتمال تعرض الناس إلى الأمراض العادية، وينسب إلى منظمة Save the Children أن 23% من أطفال العراق يعانون فعلا من حالات سوء التغذية المزمنة، رغم تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء.
ويذكر المراسل بأن وكالات الأمم المتحدة العاملة في العراق تعمل بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء، ما يحول دون تنفيذها استعدادات لمواجهة الحرب داخل العراق، ويجعلها تقتصر في استعداداتها على خزن المواد الغذائية وغيرها من المواد الضرورية في الدول المجاورة.
غير أن المنظمات الإنسانية الأميركية – وهي من المنظمات الأغنى والأقدر في العالم – تواجه صعوبات – بحسب التقرير – في خزن المواد في اثنتين من الدول المجاورة للعراق، وهما سورية وإيران، فكل من طهران ودمشق – شأنهما شأن بغداد – مدرجتان في قائمة وزارة الخارجية الأميركية الخاصة بالدول التي ترعى الإرهاب، ما يعرقل حصول هذه المنظمات على إجازات تصدير المواد إلى هاتين الدولتين. وتعلق Brendan Paddy على ذلك بقولها:
"فيما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية الزميلة في الولايات المتحدة- بمن فيها منظمة Save the Children الأميركية الشقيقة – فإن الولايات المتحدة تفرض قيودا صارمة على منح إجازات التصدير للمنظمات العاملة في بلدان تخضع إلى عقوبات أميركية.
وهذا ما جعل الإعداد الضروري لمواجهة نتائج النزاع أمرا صعبا."

--- فاصل ---

ومما يثير قلق منظمة الإغاثة بدرجة كبيرة احتمال لجوء العراق – الذي تتهمه الولايات المتحدة وبريطانيا بامتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية – إلى استخدام هذه الأسلحة أثناء القتال، واحتمال تعرض السكان المدنيين إلى المواد الفتاكة المسربة في هذه الحالة.
وينقل مراسل الإذاعة عن Geoff Prescott من منظمة الإغاثة الطبية البريطانية Merlin تأكيده بأن التعامل مع تأثيرات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية يفوق بكثير القدرات المتاحة لمنظمات العون الدولية ونظام الرعاية الصحية العراقي على حد سواء، وأضاف:
"من الصعب والمعقد للغاية – من الناحية الطبية – التعامل مع بعض هذه القضايا الكيماوية والبيولوجية، ومثال على ذلك بعض غازات الأعصاب. فعليك في مثل هذه الحالة جعل المصابين يستنشقون الأكسجين النقي، مع التأكد من أنهم يتنفسون بصورة جيدة، الأمر الذي يتطلب وجود موارد كثيرة وعاملين كثيرين لتدبر أحوال المصابين."

ويوضح Prescott – بحسب التقرير – أن لا بد من توفر وحدات العناية المركزة، إذا أريد للمصابين الشفاء، وهي تسهيلات لا تتوفر في العراق إلا على نطاق ضيق جدا، فالإخفاق في رعاية المصابين بآثار الأسلحة البيولوجية المسببة للأمراض المعدية، يمكن أن يؤدي إلى تفشي الوباء بسرعة بين السكان.

--- فاصل ---

ويذكر Recknagel بأن الولايات المتحدة حذرت بغداد من أن أي استخدام لأسلحة دمار شامل سيسفر عنه عواقب وخيمة للغاية، وهو تعبير يشير إلى المصطلح العسكري الذي ينوه بشن هجمات انتقامية بالأسلحة النووية. وكانت واشنطن وجهت تحذيرا مماثلا إلى بغداد قبل حرب 1991، وهي الحرب التي لم تستخدم فيها أسلحة دمار شامل.
وينبه المراسل إلى أن قادة غربيين شددوا هذا الأسبوع على مطالبتهم بأن ينزع صدام حسين أسلحته بشكل كامل، إذا أراد تفادي الحملة العسكرية الهادفة إلى إطاحة نظامه، فلقد شدد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس الاثنين على أنه يتوقع من الأمم المتحدة أن تجيز التدخل العسكري في العراق في حال التأكد من أن صدام حسين يقوم فعلا بإخفاء ما لديه من أسلحة دمار الشامل عن أنظار مفتشي الأمم المتحدة. كما أعلنت بريطانيا أمس أنها تقوم بنشر نحو 30 ألف مقاتل – أي ربع عدد قواتها المسلحة – في منطقة الخليج، حيث ستنضم هذه القوات إلى ما يزيد عن 60 ألف مقاتل أميركي موجودين فعلا في المنطقة. ويذكر Recknagel بأن عمليات نشر القوات المتواصلة سترفع عدد القوات الأميركية في هذه المنطقة إلى الضعف خلال الأسابيع المقبلة.

على صلة

XS
SM
MD
LG