روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: المواقف المتضاربة للعربية السعودية بشأن المشاركة في الحرب المحتملة ضد العراق


المواقف المتضاربة للعربية السعودية بشأن المشاركة في الحرب المحتملة ضد العراق، هو الموضوع الذي تناوله تقرير قسم الأخبار والتحليلات في إذاعة أوروبا الحرة، وتعرض له فيما يلي (ولاء صادق).

مع استمرار تحدث المسؤولين في الولايات المتحدة عن عمل عسكري محتمل ضد العراق، بدت السعودية هذا الاسبوع تستبعد استخدام اي من قواعدها في اي هجمة على بغداد. الا ان الرياض راجعت تصريحاتها وقالت إنها قد تتعاون مع عمل تؤيده الامم المتحدة ضد العراق اذا ما رفضت بغداد تطبيق قرارات الامم المتحدة الخاصة بنزع اسلحتها.

وتسلط هذه الاشارات المتعاكسة الاضواء مرة اخرى على السؤال المتعلق بمدى الدعم الاقليمي الذي يمكن لواشنطن ان تتوقعه لاي عمل عسكري ضد العراق وفي اي ظروف. عن هذا الموضوع كتب لنا مراسل اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية شارلز ركناغل التقرير التالي:

تمثل الاشارات المتعاكسة التي تطلقها السعودية بشأن السماح او عدم السماح لواشنطن باستخدام منشآتها ضد بغداد، تمثل الدليل الاخير على الغموض التي تشعر به الرياض ازاء اي حرب على العراق.

وظهرت هذه الاشارات عندما اخبر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قناة سي اين اين الاخبارية الفضائية الاميركية في وقت مبكر من هذا الاسبوع وهنا اقتبس " سنخضع لاي قرار يتخذه مجلس الامن التابع للامم المتحدة ولكن ليس الى حد استخدام المنشآت في السعودية او القوات العسكرية السعودية " نهاية الاقتباس.

ثم وبعد يومين راجع الامير سعود تعليقاته وسط تكهنات صحفية بانه اعطى واشنطن كلمة " لا " حاسمة بشأن استخدام قاعدة الامير سلطان الجوية التي بنتها اميركا لاستضافة القوة الجوية الاميركية التابعة للقوات الوسطى فترة الحرب. وقال في لقاء مع صحيفة نيويورك تايمز انه لم يتم اتخاذ اي قرار حول الموضوع بعد. واضاف وهنا اقتبس " من حق السعودية اتخاذ قرار عندما يحين الوقت المناسب ".

ويقول المحللون إن عدم قدرة السعودية على ايصال رسالة واضحة الى الصحافة في ما يتعلق بموقفها من العراق انما يعكس الموقف الصعب للمسؤولين السعوديين إزاء مسألة حملة عسكرية تقودها الولايات المتحدة في المنطقة.

ويقول دانييل نيب وهو خبير اقليمي في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن إن الاسرة الحاكمة في السعودية تقف بين سياستها المؤيدة ستراتيجيا لواشنطن من جهة والمعارضة الشعبية السعودية الواسعة للولايات المتحدة من جهة اخرى. ولذا يستمر النظام في ارسال اشارات متناقضة تتعلق بالعراق وقد لا يكون انموذج هذا الاسبوع هو الاخير. ثم اضاف:
" ما يقوله السعوديون الان ليس آخر تصريح لهم. النظام السعودي يقف الان محشورا بين مصالحه الستراتيجية المهمة التي تواكب مصالح الولايات المتحدة وبين الراي العام الداخلي السعودي الذي يعبر عن مناهضة اكبر للغرب لا سيما الولايات المتحدة ".

هذا ويمثل الشعور المناوئ للولايات المتحدة في السعودية وكذلك في العالم العربي بشأن العراق نتيجة الغضب من دعم واشنطن لاسرائيل في العمليات الحالية في الاراضي الفلسطينية. وهناك ايضا تعاطف واسع مع معاناة العراقيين بسبب العقوبات الاقتصادية وشعور بان الحرب ستسبب معاناة اضافية لهم.

الا ان العديد من المحللين يعتقدون أن السعودية وإن بدت غير راغبة في السماح علنا باستخدام منشآتها العسكرية، من المحتمل ان توافق بشكل ما اذا ما شنت واشنطن الحرب بدعم من الامم المتحدة.

ويقول نيب إن السبب هو ادراك السعودية لتوتر علاقاتها مع واشنطن بعد الهجمات الارهابية على واشنطن ونيويورك العام الماضي حيث كان اغلب المهاجمين مواطنين سعوديين. علما ان الرياض لا تريد ان تجازف بتحول هذا التوتر الى عداء عميق اذا ما رفضت التعاون حول العراق. وقال:
" مع تطور الاحداث واحتمال حصول الولايات المتحدة على دعم من الامم المتحدة لاستخدام القوة العسكرية، وهو دعم يعتبره السعوديون ضروريا جدا في رأيي، فقد نرى نوعا من التحول في الموقف السعودي. وفي حال وقوع هجوم اميركي فستكون فستقدم السعودية مساعدة اكبر مما تصرح به علنا الان ".

ويقول المحللون ايضا إن الحكومة السعودية ربما تشعر بالقلق من ان عدم تعاونها بشأن العراق قد يجعل الولايات المتحدة تتجاهل مصالح الرياض في اي اوضاع جديدة قد تنشأ بعد تشكيل حكومة موالية للغرب في بغداد. علما ان العراق يملك ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم بعد السعودية وان الرياض ترغب في حماية حصتها في السوق العالمية في مواجهة صناعة نفطية عراقية متطورة جديدة.

وربما تخشى الرياض ايضا من ان تنفتح واشنطن على دول خليجية عربية اخرى كشركاء ستراتيجيين اساسيين للولايات المتحدة في المنطقة. وكانت السعودية التي ما تزال شريكا مهما لواشنطن، قد راقبت ببعض القلق جهود عدد من جيرانها، لا سيما قطر، للحصول على حظوة لدى واشنطن مع تعقد العلاقات الاميركية السعودية بسبب احداث الحادي عشر من ايلول.

وقال نيل بارترك وهو خبير اقليمي في وحدة المعلومات الاقتصادية في لندن أن ليس هناك امل في ان تحل دولة قطر الصغيرة محل السعودية كأهم شريك لواشنطن. الا ان قطر عرضت قاعدة عسكرية بديلة للولايات المتحدة في المنطقة مما يمكن ان يمنحها وضعا خاصا.

وفي مواجهة رفض الرياض المحتمل استخدام اراضيها كنقطة انطلاق لضربات على العراق، ذكر ان الولايات المتحدة انفقت ما يعادل 1.400 مليون دولار في توسيع قاعدة العبيد في قطر وتحويلها الى قاعدة جوية وعسكرية ضخمة. ومن المتوقع ان ينتقل اليها حوالى 600 من افراد القوات الوسطى قريبا لاجراء بمناورات لاختبار القاعدة كمقر قيادة اقليمي.

هذا وقد استدعت الرياض سفيرها في الدوحة في ايلول الماضي وهو ما اعتبر بشكل واسع اشارة الى استيائها من تقرب قطر الى واشنطن. وسبب الخلاف ايضا هو قناة الجزيرة في قطر التي تبث برامج تعتبرها الرياض مسيئة الى الاسرة الحاكمة السعودية.

ويقول بارترك إن الاسرة الحاكمة في قطر وعكسا للاسرة الحاكمة في السعودية تبدو راغبة في التقرب علنا الى واشنطن رغم اي مشاعر محلية مناوئة لاميركا. ثم اضاف:
" من وجهة نظرها، وبعدد سكانها الذي لا يتجاوز ربع المليون وباعتبارها دولة صغيرة غنية بالنفط وبالغاز، يمكن السيطرة عليها بفعالية وان يكون لها قدرات مالية كبيرة. ولذا لا اعتقد انها تنظر الى هذا الموضوع باعتباره خطرا على النظام الحاكم ".

هذا وقد قدمت الدوحة نفسها، في محاولة للتقرب من واشنطن، باعتبارها حكما حياديا في الخلاف القائم بين الامم المتحدة وبغداد التي تربطها بها علاقات دبلوماسية كاملة وعلاقات تجارية مهمة. ودعت الدوحة مثل السعودية الى حل سياسي للازمة العراقية في اطار الامم المتحدة، كما دعت مرارا الى رفع العقوبات عن العراق لاسباب انسانية.

ويلخص المحلل الاقليمي بارترك منهج قطر إزاء الازمة العراقية بالطريقة التالية:
" لا اعتقد ان اي دولة في المنطقة ترحب بالحرب بالضرورة، رغم ان العديد من هذه الدول ستشعر بالراحة لسقوط نظام صدام حسين في النهاية. ولكنني اعتقد ان الدوحة ستتبنى وجهة النظر القائلة بانه يبدو من المرجح ان الحملة العسكرية ستقع وسترغب في هذا السياق ان تكون الى الجانب الصحيح. يبدو ان قطر، وكما فعلت الكويت في السابق، يبدو انها اصبحت ترى مصالحها الامنية الان من خلال مواكبتها الولايات المتحدة ".

أما الكويت التي ادى احتلالها من قبل بغداد الى اندلاع حرب الخليج في عام 1991 فقد وضعت هي الاخرى منشآتها تحت تصرف الولايات المتحدة في الازمة العراقية الحالية. وقال الشيخ صباح الاحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي يوم الاثنين إن القواعد ستستخدم في حالة صدور قرار من مجلس الامن. الا انه قال ان القوات الكويتية لن تشارك في اي عمليات عسكرية.

ومع اطلاق السعودية اشاراتها المتضاربة هذا الاسبوع بشأن فتح منشآتها امام الولايات المتحدة يبدو ان المسوؤلين الاميركيين ينظرون الى المسألة بطريقة هادئة. إذ قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد إنه لا يعتبر ملاحظات وزير الخارجية السعودي هذا الاسبوع إشارة على تغيير في السياسة.

وقالت مسؤولة اميركية كبيرة اخرى هي ماري ماتيلن مستشارة نائب الرئيس ديك تشيني إن واشنطن واثقة بان لديها ما يكفي من الدعم في المنطقة للقيام بعملياتها العسكرية. واضافت وهنا اقتبس " لدينا العديد من الاصدقاء ومن الحلفاء في المنطقة ولدينا العديد من الاصدقاء ومن الحلفاء في مختلف انحاء العالم. لن نتحرك على الاطلاق الا اذا كنا واثقين من تمكننا من انجاز العمل باتقان " نهاية الاقتباس.

على صلة

XS
SM
MD
LG