روابط للدخول

خبر عاجل

عدم إمكانية استخدام القوة في تغيير نظام الحكم في العراق دون مساعدة تركيا


صحيفة أميركية نشرت تحليلاً كتبه سفير سابق للولايات المتحدة لدى أنقرة حول عدم إمكانية استخدام القوة في تغيير نظام الحكم في العراق دون مساعدة تركيا. (جهاد عبد الكريم) أعد عرضاً لهذا التحليل ويقدمه مع (زينب هادي).

نشرت صحيفة واشنطن تايمز يوم الإثنين الماضي تحليلاً بعنوان (الأنظار باتجاه تركيا)، كتبه مارك بارس الذي كان سفيراً للولايات المتحدة الأميركية لدي أنقره للفترة من 1997 وحتى عام 2000، ويعمل حالياً مستشاراً لبرنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، جاء فيه:

لم يتضح بعد إن كانت الولايات المتحدة ستلجأ الى إستخدام القوة في إزاحة صدام حسين عن السلطة أم لا، ولكن جميع المناقشات التي ركزت على هذه النقطة لم تتطرق بعد الى مسألة غاية في الأهمية وهي عدم إمكانية تحقيق ذلك دون تركيا.
ان الحكمة التقليدية السائدة هنا في أميركا تقول: بقدر ما يرتعب الترك من إمكانية نشوب حرب في الجوار، فان مصلحتهم في المساعدة لتشكيل عراق مابعد صدام لايترك لهم خياراً سوى أن يكونوا متعاونين.. وهذا صحيح الى حد ما، لكن ليس ثمة مجال للرضا الذاتي، إذ ستحصل تركيا على الكثير في المرحلة القادمة، وقد تظهر بعض المفاجآت غير السارة، إن لم نكن منتبهين.

وينوه الكاتب الى أن الإنتخابات التركية التي ستجرى قريباً جداً ستأتي بحكومة جديدة الى أنقرة، وتوحي إستطلاعات الراي العام بأن حزب التنمية والعدالة مرشح للفوز، وهو حزب شكل في العام الماضي من قبل شخصيات كانت تنتمي لأحزاب دينية محظورة مثل رجب أردوكان زعيم الحزب، والتي ستقوم أما بتشكيل الحكومة أو تمثيل الحزب الرئيس في تحالف جديد.. وفي هـذه الفـترة يبـقى تـحـالف الـحكومة التي يقودها بولاند أجفيد منقسماً، بل من المستبعد أن يمثل أي من أحزابها الثلاثة في البرلمان بعد إنتخابات الثالث من تشرين الثاني القادم، ويضيف الكاتب ان أجفيد لم يكن مرتاحاً حتى مع إدارة بيل كلنتون بخصوص سياستها حيال العراق، وقد زاد من حدة إنتقاده للسياسة الأميركية بهذا الخصوص في الأسابيع الماضية.

ويرى مارك بارس في تحليله أن الحكومة التركية الجديدة، إذا ما بدأت عملها في بداية كانون أول القادم، ستواجه بحدث يعتبره الترك حاسماً، وهو إنعقاد قمة الإتحاد الأوروبي في كوبنهاغن في الثاني عشر من كانون الأول من هذا العام، وما يخص الإصلاحات التي يفرضها بقوة الإتحاد الأوروبي حول مواضيع ساخنة كحكم الإعدام وحقوق اللغة الكردية، فالترك يطلبون من الإتحاد الأوروبي أن يحدد موعداً للتفاوض حول العضوية، وليس من الواضح أن يستجيب الإتحاد لذلك، في الوقت الذي ستفـتتح القمة بقبول قبرص عضواً في الإتحاد، الأمر الذي يضع رئيس الوزراء الجديد تحت ضغط شعبي شديد للإستجابة بطريقة تفسد العلاقات مابين تركيا وأوروبا لسنوات قادمة وتشحن الوجدان الوطني في الداخل.

ويجد الكاتب ان ذلك سيجعل من الصعب التعامل مع المهمة الثالثة التي تواجه الحكومة التركية وهي إصلاح الحالة الإقتصادية الهشة، فبالرغم من أن الإصلاحات التي دعمها صندوق النقد الدولي وتقديم عشرات البلايين من الدولارات ضمن القروض الجديدة قد جعلت الإقتصاد التركي يستقر بعد الإنهيار المالي الذي حدث في شباط من عام 2001، والنمو، وسير معدلات التضخم في الإتجاه الصحيح، تبقى البطالة والفقر والإستياء الشعبي قضايا واسعة الإنتشار، فصندوق النقد الدولي والتأثير الخارجي قاما بإذكاء نار هذا الإستياء خلال حملة الإنتخابات الحالية، بالإضافة الى ان حزب التنمية والعدالة أثار إمكانية إجراء بعض التعديلات في الوقت الذي تعهد بالإستمرار ببرنامج الإصلاح.

ويضيف الكاتب ان الحكومة الجديدة إذا ما إستسلمت للضغوط الشعبية وقامت بتخفيف متطلبات البرنامج، فان الإصلاح الإقتصادي يمكن أن يكون في خطر، ليشمل معه صندوق النقد الدولي، وبشكل غير مباشر إستثماراتنا البالغة ثلاثين مليار دولار، وأضف الى هذه الأجندة المثبطة للهمة، طلباً أميركياً للمشاركة في حرب لاتحظى بشعبية ضد العراق، ويتساءل الكاتب عن مدى تحمل القيادة التركية الجديدة للضغوط، ويجيب على ذلك قائلاً: من المحتمل أن تتحمل ذلك، إذا ما إستمرت إدارة بوش في مراقبة الكرة، ومنحت تلك القيادة الدعم اللازم في الوقت المناسب، ويمكن ان يتم تمهيد الأرضية لذلك حتى قبل ان نعرف على وجه التأكيد من هو الذي سيقود تركيا لاحقاً، ويبدو ان الإدارة الأميركية قامت بتكثيف جهودها في الأسابيع الأخيرة لتجنب التصادم الذي قد يحدث بين تركيا والإتحاد الأوروبي، كما أن الإدارة بدأت بخطوة جيدة في الإستشارة بخصوص العراق، بيد انها كانت بداية فقط، إذ ان الترك مازالوا يخشون العواقب الإقتصادية للحرب ويطالبون بتعهدات على قيامنا ببذل المزيد لتخفيف آثار تلك العواقب، وبشكل أكبر مما كان عليه في حرب الخليج عام 1991، وبينما يعتقد معظم الترك أننا مخلصين في تعهدنا للحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، لايتوفر لديهم فهم كاف لما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة الى المنطقة التي يهتمون بها كثيراً، وهي منطقة شمال العراق التي يسيطر عليها الكرد، ولذا يبقى الرأي العام التركي معارضاً بثبات للتدخل العسكري الأميركي.

ويتساءل الكاتب عما إذا سيقوم العسكر في تركيا بإخبار الحكومة الجديدة أن تفعل ما نريد؟ ويجيب ليس بالضرورة، فقبل حرب الخليج الإولى، إستقال رئيس أركان الجيش التركي إحتجاجاً ضد تأييد توركوت أوزال لإشراك القوات العسكرية بشكل أوسع، أما القيادة العسكرية الحالية في تركيا، فانها تتحدث بتحفظ حول إمكانية حرب جديدة.

ويختتم مارك بارس تحليله بالقول: اذن فرئيس وزراء تركيا القادم، بكل ما يمكن ان يواجهه في الأيام أو الأسابيع الإولى من دورته، من المحتمل ان يحتاج الى إجابات واقعية مفيدة حينما يسأل من قبل الرأي العام الذي تساوره الشكوك، أو ربما من بعض الجنرالات المعارضين، عما ستجنيه تركيا لقاء دعمها للسياسة الأميركية حيال العراق؟ وهنا يتوجب على إدارة بوش أن تكون متأكدة من ان بإمكانها تقديم تلك الإجابات.

على صلة

XS
SM
MD
LG