روابط للدخول

خبر عاجل

حياة البؤس في العراق في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها هذا البلد


صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نشرت تحقيقاً عن حياة البؤس في العراق في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها هذا البلد. (ولاء صادق) تعرض للتحقيق في تقريرها التالي.

نشرت صحيفة بوسطن غلوب في عددها الصادر اليوم تقريرا كتبه مراسلها في بغداد انتوني شديد تطرق فيه الى الوضع الحالي في العاصمة العراقية. ولاحظ ان اغنية فرقة البيتلز " يستردي " التي تتردد في صالات فندق الرشيد تبدو وكانها تناسب بالفعل حالة الحنين التي يشعر بها الناس الى ماضيهم المجيد. ووصف الكاتب المجلات القديمة والممزقة التي يراها المرء في شارع المتنبي الذي كان مقصد المثقفين العراقيين في ما مضى. اما اليوم وكما تابع المراسل فواحد من كل اربعة من العراقيين تركوا المدارس وهم يقفون في اطول طوابير عرفها العالم للحصول على الخبز ويعيشون كلهم تقريبا تحت رعاية الامم المتحدة.

وقال المراسل ان العراق الذي كان في احد الايام مقصد العمال المهاجرين ينزف اليوم افضل ما لديه واجمله. ولاحظ ان كل السيارات قديمة تقريبا وان الناس ترنو بانظارها في اتجاه الماضي عندما شهد العراق عصره الذهبي في السبعينات حين ساهمت ثروة العراق النفطية في ازدهار ثقافة البلاد ونفوذها في المنطقة.

وتابع المراسل ان العراق يعيش حالة من البؤس سواء بوجود حرب او بدونها. فقد ضاع جيل كامل في العزلة واصبحت المشاعر الدينية والعرقية تطغي على الاتجاه العلماني الذي عرف به العراق في الماضي وهي مشاعر اججها النظام كي يفرق بين الناس وكي يسيطر عليهم ويقمعهم.

واورد المراسل تقديرات عمال المساعدة الانسانية بان كلف اعمار البنى الارتكازية في العراق قد تزيد على عشرين مليار دولار. وان استعادة المراة حقوقها هناك وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي سيحتاجان الى فترة جيل او جيلين. ولاحظ المراسل ان الناس في العراق يشعرون بالقلق وبالخوف وبالغضب على الولايات المتحدة وعلى حكومتهم مع احتمال خوض البلاد حربها الثالثة في غضون ثلاثة وعشرين عاما.

--- فاصل ---

وتابع المراسل بالتذكير بمعنى كلمة تبغدد اي تباهى وتكبر وقال الا شيء الان يدعو الى مثل هذه المشاعر في بغداد. ثم نقل راي محمد غني النحات العراقي الذي قال ان هذه الكلمة فقدت معناها مع حرب عام 1991.

التي اعادت العراق الى صفوف العالم الثالث فعلا. وقال ايضا إن حياة العراقيين خلال السنوات الثلاثين الاخيرة لم تتضمن غير الحرب والثورات المتعاقبة التي ادت الى تدمير البلاد. والاهم وكما قال غني هو عزلة العراقيين عن العالم. فهناك الكثير من المستجدات في حياة الشعوب لا يمكن للعراقي الوصول اليها مثل التكنولوجيا الحديثة والقنوات الفضائية والهواتف النقالة وغيرها. هذا اضافة الى ان مغادرة العراق تتطلب دفع مبلغ مئتي دولار وهو مبلغ لا يملكه الجميع.

ثم نقل مراسل صحيفة بوسطن غلوب عن فنان اخر اسمه شداد عبد يملك ورشة في شارع ابي نواس حديثه عن فترة السبعينات، وهي فترة ازدهار بغداد، عندما كان المثقفون المصريون وغيرهم يفدون الى العراق ببطاقات سفر مجانية. ولاحظ المراسل ان لوحات شداد عبد تعبر عن اجترار للماضي وغالبيتها تتضمن نساءا عاريات وقال شداد ان لوحاته لا تعرض هذه الايام بسبب تغير الاتجاه مقارنة بالسبعينات.

ذلك ان المشاعر الدينية راحت تنمو في العراق الذي كان اكثر البلدان علمانية في المنطقة، كما راحت تنمو في بقية انحاء العالم العربي. اذ اغلقت النوادي الليلية خلال العقد الماضي واضيفت عبارة الله اكبر الى العلم ومنع احتساء الكحول الا داخل المنازل. علما وكما تابع المراسل ان حكومة صدام حسين شجعت هذا الاتجاه وتبنته. فبعد اعتمادها على فكرة القومية العربية حاولت الحكومة اعتماد رموز اخرى لمنح حكمها الشرعية مثل المشاعر الوطنية العراقية والدفاع عن فلسطين ثم التضامن الاسلامي.

وحاليا وكما لفت المراسل الانتباه تبني حكومة بغداد اكبر جامعين في العالم في العاصمة العراقية كما تحفل خطابات صدام بالاشارات الدينية. الا ان شداد عبد قال ان روح العلمانية التي تربى عليها ما تزال داخل روح بغداد اما الى متى فلا يدري.

--- فاصل ---

وواصل المراسل تقريره بالقول ان العراق كان بلدا مزدهرا يستقبل العمال المهاجرين الذين كانوا يعملون في الحقول وفي المعامل بينما مضى الاف من العراقيين الى الجبهة. اما اليوم فنرى الالاف من العراقيين في الاردن وفي ايران وفي اماكن اخرى.

ونقل المراسل عن المهندسة سهير التميمي قولها ان العراقيين كانوا يسافرون الى الخارج ثم يعودون اما اليوم فيسافرون ولا يعودون. فالبطالة في العراق عالية كما قال المراسل ومن يعمل في بيع لفافات التبغ يحقق ارباحا اعلى مما يحققه عالم في السياسة. ويحذر مسؤولو الامم المتحدة من انعدام حوافز التعليم في العراق باعتباره كارثة ستحرم البلاد من الكفاءات التي ستحتاجها في مجال الاعمار. فحوالى 23 بالمائة من الاطفال لا يترددون على المدارس الابتدائية لا سيما من الفتيات. كما ان مرتبات المعلمين لا تكفي الا لشراء ثلاث دجاجات في الشهر. والامية تنتشر بشكل لا سابق له في العراق.

وانهى مراسل صحيفة بوسطن غلوب تقريره بنقل ما يردده العراقيون عن ان العراق بلد غني فيه وفرة من الماء ومن الارض الخصبة ومن القدرات البشرية. والاهم، هو ما يملكه من ثروة نفطية تمثل ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم. الا انهم يقولون ايضا ان هذه الثروة هي سبب ما يعانون منه من مشاكل. فهي التي سهلت حروب صدام ضد ايران والكويت كما ان العديد من العراقيين مقتنعون بان النفط والسيطرة عليه هو ما يدفع الولايات المتحدة الى غزوه، وكما ورد في التقرير. ثم لاحظ المراسل ان بعض العراقيين يخزنون الطحين والماء والطعام المجفف تحسبا لحرب جديدة محتملة.

على صلة

XS
SM
MD
LG