روابط للدخول

خبر عاجل

الخلفية السايكولوجية لسلوك الرئيس العراقي


في مقال نشرته صحيفة أميركية كتبه خبير إسرائيلي يتناول الخلفية السايكولوجية لسلوك الرئيس العراقي. (ولاء صادق) أعدت عرضاً لهذا المقال نتابعه فيما يلي.

في عددها الصادر اليوم نشرت صحيفة بوسطن غلوب مقالة تتعلق بشخصية دكتاتور العراق صدام حسين اعتمادا على تحليلات ودراسات قام بها المؤرخ الاسرائيلي اماتزيا بارام الذي يعتقد ان صدام اصر على عدم الانسحاب من الكويت بشكل سلمي وقاتل التحالف الدولي حتى الحق بجيشه اكبر هزيمة عرفها في تاريخه رغم توقع العديدين قبل الحرب بانه سينسحب بشكل سلمي ادراكا منه لعدم قدرة جيشه على المقاومة. ويبلغ بارام الرابعة والستين من العمر وهو استاذ في جامعة حيفا واحد مؤسسي مركز بحوثها الخاص بالخليج كما انه احد المختصين في شؤون العراق. وقد عمل مستشارا للحكومة الاسرائيلية وقال انه يقارن احيانا ملاحظاته حول منطقة الخليج بملاحظات مسؤولين حكوميين اميركيين. ويعتقد بارام وكما نقلت الصحيفة ان صدام يسعى الى الحصول على اسلحة الدمار الشامل لا كي يؤمن بقاءه بل كي يذكره التاريخ باعتباره المدافع عن العالم العربي وحاكمه.

واشارت الصحيفة الى سعة اطلاع بارام على الحقائق التاريخية والى نشره دراسة في عام 1991 عن استخدام صدام للتاريخ والميثولوجيا التقليدية والاثار في ايديولوجية حزب البعث الحاكم. وهو يعتقد ان صدام يسعى بالفعل الى الحصول على الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية لاغراض بالغة السوء وانه ينوي استخدامها حال الحصول عليها.

وتابعت الصحيفة ان بارام كإسرائيلي لم يتمكن على الاطلاق من زيارة العراق كما لم يلتق بصدام. وانه شرع في السبعينات، عندما لم يكن العراق وقادته تحت الاضواء، في دراسة تتعلق بشخصية صدام ورسم شجرة عائلته بالعودة الى احد عشر جيلا سابقا واعتمد في مصادره على جيران لصدام وهو طفل في تكريت وجيران لابناء عمومته في بغداد ومنهم يهود يعيشون الان في اسرائيل ممن يروون قصة ماساوية عن طفولته. فمثلا، وكما يروي بارام، عندما اكتشفت والدة صدام التي توفي زوجها حديثا وكانت حبلى بصدام، ان ابنها الاكبر مصاب بورم في الدماغ اقتادها اقرباؤهم في المنطقة الى احدى المستشفيات في بغداد. وتوفي ابنها هناك فحاولت الام الانتحار. الا ان يهودا من جيرانها تدخلوا وساعدوها على استرداد توازنها. ويقول بارام انهم انما انقذوا بذلك دكتاتور العراق في المستقبل. وبعد عودة والدة صدام الى تكريت وولادته، رباه الاقارب وخاصة احد اعمامه. ثم ما لبثت امه ان تزوجت برجل شرس ظل صدام يحتقره حتى بعد ان اصبح حاكما للبلاد وتركه يعيش في الفقر في قريته العوجة.

ويعتقد بارام ايضا وكما تابعت الصحيفة انه رغم ما هو معروف عن قسوة صدام الا انه وفي لمن يساعده. ويورد هنا حادثة ذكرها تاجر يهودي من بغداد يعيش الان في اسرائيل. إذ قال انه امضى في السجن عشر سنوات حتى زار صدام السجن في احد الايام ورآه وتذكر انه اعطاه في احدى المرات نقودا عندما كان طفلا يتسول في الشوارع، فامر باطلاق سراحه في الحال.

ويعتقد بارام ايضا، حسب الصحيفة، ان صدام يحتفل باعياد ميلاده بفخفخة كاملة كي يعوض حرمانه ايام كان طفلا. كما يعتقد ان علاقته باحمد حسن البكر كانت علاقة ابن بابيه وكما ذكر ذلك في دراسة له وضعها في عام 1980 تحت عنوان " صدام حسين: سيرة ذاتية سياسية ".

وذكرت الصحيفة بمساهمة بارام مؤخرا في دراسة تحت رعاية القوة الجوية الاميركية بالمشاركة مع الدكتور جيرولد بوست وهو عالم نفسي ساهم في انشاء مركز وكالة المخابرات المركزية لتحليلات الشخصية والسلوك السياسي ويدير الان برنامج علم النفس السياسي في جامعة جورج واشنطن. وتحمل الدراسة التي ستنشر قريبا عنوان " اعرف عدوك ". ويعتقد بوست ان صدام لا يعاني من اضطراب سيكوباثي الا انه مصاب بالنرجسية الخبيثة ومهووس بالحصول على اعجاب الاخرين وحساس للاساءة.

وتابعت صحيفة بوسطن غلوب بالقول إن هذا النوع من الدراسات يذكرنا باخرى وضعت عن هتلر الذي يعتقد العديد انه مصاب بالشيزوفرينيا. الا ان صدام ليس هتلر، كما يقول بارام، ليس فقط لان العراق لا يملك ولو جزءا من قدرات المانيا ولكن ايضا لان صدام ليس ضد اليهود باثولوجيا، غير انه مشابه لهتلر في تصرفه الانفعالي وفي رهاناته العسكرية وفي رفضه نصائح كبار جنرالاته. ويعتقد بارام ان صدام يلتجئ الى الرهان العسكري عندما يكون موضع اعجاب الجماهير وعندما يشعر بانه مهدد وبان اهانة قد الحقت بشرفه. والاهم من هذا كله، حسب بارام، هو ان يشعر باقتداره العسكري. وقد حدث ذلك عندما ضعف الجيش الايراني بعد ثورة خميني وشعر صدام بخطر شيعة العراق. ثم حدث مرى اخرى في نيسان من عام 1990 بعد نجاح تجربة صاروخ تموز. اذ هدد صدام باحراق نصف اسرائيل وطمأن ياسر عرفات بانه سيحرر القدس قريبا. ويعتبر بارام هذا الوعد بمثابة تهديد لاسرائيل بالتصفية النووية، وهو تهديد سرعان ما ادى الى زيادة اعجاب الجماهير به. ثم ما لبث صدام وبعد مضي اربعة اشهر فقط ان اجتاح الكويت.

--- فاصل ---

الا ان صحيفة بوسطن غلوب اشارت الى عدم تاييد جميع المختصين لتحليلات بارام. ونقلت عن جون ايسبوزيتو الاستاذ في الدراسات الاسلامية في جامعة جورج تاون تاييده قول بارام ان صدام سيستخدم اسلحته لضمان مكانته في التاريخ، واعتراضه على تحليلاته النفسية لشخصية صدام.

كما نقلت عن ستيفن وولت الخبير في الشؤون العراقية في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد قوله إن صدام حريص على بقائه فهو لم يستخدم اسلحة الدمار الشامل ضد اي جهة يمكنها الرد عليه.

ولكن، وكما تابعت الصحيفة نقلا عن بارام، إذا كان حصول صدام على اسلحة الدمار الشامل يناسب سلطته فانه سيضغط على الزر وسيسقط الالاف بل والملايين معه. ثم تذكيره بما قاله صهر صدام، حسين كامل، بعد هربه الى الاردن، عن ان صدام امره وبقية كبار الجنرالات، قبل حرب الخليج، باطلاق جميع ما في حوزتهم من اسلحة كيمياوية وبيولوجية على اسرائيل اذا ما فقدوا الاتصال ببغداد.

ويؤكد بارام اخيرا ان العالم سيواجه كارثة بنسبة مائة بالمائة إن حصل صدام على الاسلحة النووية. وهو البديل الاسوأ عن ضربة قد تكون كارثية على العراق حسب ما نقلت صحيفة بوسطن غلوب.

على صلة

XS
SM
MD
LG