روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: تجاهل أوروبي للاجئين الذين يدقون على أبواب أوروبا


قال طبيب عراقي في مقابلة أجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن اللاجئين الذين يدقون على أبواب أوروبا بحثاً عن ملجأ آمن كثيراً ما لا يجدون غير الصمت والتجاهل من الأوروبيين. (أكرم أيوب) يعرض للمقال المنشور في الصحيفة الأميركية.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالة عن أوضاع طالبي اللجوء في الدول الاوروبية، استهلته بالاشارة الى أن الطبيب العراقي محمد البياتي لم يجد في الدانمارك ما كان يأمل فيه - بعد رحلته المروعة من العراق، لكن الدول الاوروبية، كما تقول الصحيفة، أصبحت جميعها على هذه الشاكلة.
وقالت الصحيفة إن البياتي لم يكن أمامه سوى الهرب من عقوبة السجن في العراق بسبب التعبير عن أفكاره، وقام بدفع مبلغ من المال لمتعهد تهريب، أوصله الى الدانمارك مختبئا تحت كومة من الصناديق في إحدى الشاحنات.
وأشارت الصحيفة الى وصول الاحزاب اليمينية التي تحمل اتجاهات مناهضة للمهاجرين الى السلطة في الدانمارك - حيث تقدم البياتي بطلب اللجوء - كما في بقية بلدان الاتحاد الاوروبي، التي يلتقي زعمائها في أسبانيا لمناقشة سبل تشديد الرقابة على حدودها لمكافحة تدفق اللاجئين غير الشرعيين.
ولفتت الصحيفة الى ان الدانمارك، وأسوة بالتوجه السائد في القارة الاوروبية، سنت مؤخرا قانونا يشدد المعايير بالنسبة لطالبي اللجوء، ويحد الى درجة كبيرة من حقوقهم أثناء النظر في قضاياهم، ولا يدع مجالا للشك في عدم الرغبة بقدوم المهاجرين الى البلد الذي كان في يوم من الايام يفاخر بانفتاحه على العالم.
وعددت الصحيفة بعضا من تحديدات القانون الدانماركي الجديد ومنها منع طالبي اللجوء من الزواج، وتخفيض الاعانات التي يحصلون عليها، وعدم تشجيع الكبار في العمر على دخول الدانمارك، وتعقيد إجراءات الزواج من غير الدانماركيين، ووضع الصعوبات في طريق لم شمل المهاجرين بعوائلهم، كما يقضي القانون بمغادرة طالبي اللجوء الذين ترفض طلباتهم الدانمارك في اليوم نفسه الذي يصدر فيه القرار بالرفض.
ونقلت الصحيفة عن البياتي الذي وصل الى الدانمارك منذ ما يزيد على العام، قوله بأنه يعامل كمجرم، وأنه يعيش في مركز يقع خارج العاصمة كوبنهاكن على إعانة تبلغ حوالي 129 دولارا في الشهر، ملاحظا بأنه هرب من سجن العراق الى سجن الدانمارك، ومبديا استغرابه من وصف الدانماركيين لبلدهم بالديموقراطي – على حد قول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة الى الانتقادات التي وجهت الى القانون الدانماركي من السويد ومن دول أوروبية أخرى، لكنها لفتت الى صدور قوانين تحمل توجهات مماثلة أو النظر في إصدارها في الدول الاوربية التي أخذت تزيد من إجراءات صدها للمهاجرين، بتأثيرات من الاحزاب اليمينية، ومن ضغوط الناخبين.
وذكرت الصحيفة الاميركية أن أعداد الذين يصلون الى اوروبا الغربية بصورة غير مشروعة تقدر ما بين 300000 الى 500000 ألف فرد سنويا، لكن أعداد طالبي اللجوء هبطت في العقد الاخير لتصل في السنة الماضية الى 384334 فردا بعد أن وصلت الى 673947 فردا عام 1992. لكن الاعلانات التي تشير الى سلب المهاجرين لحقوق مواطني البلاد حجبت حقيقة تناقص الاعداد هذه.
ونقلت الصحيفة الاميركية عن ديك أووستنك مدير مكتب منظمة العفو الدولية في الاتحاد الاوروبي إشارته الى أن مشاعر العداء للمهاجرين التي تعم الدول الاوروبية حدت بها الى اتباع أساليب تتصف بالفظاظة.
وقدمت الصحيفة تفصيلات عن التقييدات في الدول الاوربية، ففي بريطانيا، سرّع قانون جديد من إجراءات طلب اللجوء، ومن إجراءات ترحيل الذين يفشلون في الحصول على حق اللجوء، وأشترط المعرفة باللغة الانكليزية أو الغالية أو الويلزية للحصول على الجنسية البريطانية، وفصل أطفال طالبي اللجوء عن بقية الاطفال في المدارس الانكليزية لمدة ستة أشهر، ونص على تعليمهم في مراكز خاصة. كما يسمح القانون في بريطانيا بترحيل الذين أخفقوا بالحصول على اللجوء في غضون أيام، الى البلدان التي وصلوا عن طريقها الى بريطانيا، إضافة الى حجب الاعانات عن الاجانب الذين حصلوا على حق اللجوء في دولة أوروبية ثم قاموا بالانتقال بعد ذلك الى بريطانيا.
وتمضي الصحيفة في تعداد التقييدات، حيث أشترط قانون جديد في ايطاليا أخذ بصمات الاصابع لجميع المهاجرين من خارج الاتحاد الاوروبي، ومنع المهاجرين غير الشرعيين من العمل، ووجوب مغادرتهم للبلاد خلال ثلاثة أيام في حالة الامساك بهم، وسجن من يحاول دخول ايطاليا مرة ثانية بعد أبعاده عنها.

وأشارت الصحيفة الى تقديم العديد من المقترحات للخروج بسياسة اوروبية موحدة فيما يتعلق بطالبي اللجوء، لكن الدول الاوروبية لم تتمكن من التوصل حتى الى تحديد لصفة اللاجئ، وهو ما تنوي الدانمارك القيام به عند توليها الرئاسة القادمة للاتحاد الاوربي بعد أسبانيا.
ونقلت الصحيفة الاميركية عن كراهام واتسن البريطاني الذي يتزعم المجموعة الليبرالية الديموقراطية في البرلمان الاوروبي إشارته الى الحيرة التي يتخبط فيها رجال السياسة، ملاحظا بأنهم لا يمتلكون الشجاعة للقيام بشيء لا يروق للناخبين، ولا يجلسون للتفكير بهدوء ومن دون انفعال في هذه المسألة.
ولفتت الصحيفة الى تأثيرات المشاعر المناهضة للمهاجرين في الدانمارك الذي يبلغ تعداد السكان فيه 5.3 مليون فرد وتصل نسبة الاقليات الاثنية فيه الى 7.3 %، إضافة الى تقديم ما يقرب من 10000 شخص لطلبات لجوء عام 2001. وقالت الصحيفة إن القانون الجديد في الدانمارك جاء نتيجة مباشرة للانتخابات العامة التي جرت في تشرين الثاني الماضي والتي نجح حزب الشعب الدانماركي اليميني في جعل قضية الهجرة غير الشرعية البند الرئيس في حملته الانتخابية التي فاز فيها باثنين وعشرين مقعدا من أصل 179، والتي كانت كافية للتأثير على التشكيلة الحكومية في البلاد.
وقالت الصحيفة الاميركية إن الدانمارك تدافع عن نفسها بالاشارة الى انها منحت حق اللجوء لثلاثة واربعين في المائة من الطلبات بينما لم تمنح بريطانيا حق اللجوء إلا لستة وعشرين في المائة من الطلبات أما النمسا فلم تمنح سوى أربعة في المائة من الطلبات حق اللجوء فيها. لكن الصحيفة أشارت بالمقابل الى الجماعة التي أضربت عن الطعام والى الانخفاض في اعداد المتقدمين بطلبات اللجوء في الدانمارك.
ونقلت الصحيفة عن كمال قريشي عضو البرلمان الدانماركي عن حزب الشعب الاشتراكي وهو من أبوين قدما من باكستان عندما كان رضيعا، إشارته الى التغيير الذي أصاب اتجاهات الناس نحو اللاجئين.
أما بالنسبة للبياتي، طالب اللجوء العراقي، الذي ينتظر البت في طلبه، فإنه يقضي الوقت في العمل التطوعي في مركز للاجئين يتبع الصليب الاحمر، كما يشرف على مجموعة نقاشية تهتم بشؤون الاطباء الذين يرغبون في الحصول على حق اللجوء.
وتصف الصحيفة الطبيب العراقي بأنه طليق في اللغة الانكليزية، وأنه قام بتعليم نفسه القراءة والكتابة باللغة الدانماركية، وتنقل عنه اعرابه عن أسفه لمجيئه الى الدانمارك، وإشارته الى أنه تلقى التدريب في أفضل مستشفى تعليمي في العراق، وأنه خدع نفسه عندما ظن بوجود الديموقراطية في اوروبا، مؤكدا على اقتناعه بعدم وجود ديموقراطية أو عدالة في العالم - بحسب تعبيره وكما نقلت صحيفة نيويورك تايمز.

على صلة

XS
SM
MD
LG