روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: القضية العراقية محور رئيسي للخلاف بين واشنطن والعواصم الأوروبية


أشار تحليل سياسي بثته إذاعة أوروبا الحرة إلى أن القضية العراقية تشكل محوراً رئيسياً للخلاف بين واشنطن والعواصم الأوروبية. (ولاء صادق) في العرض التالي.

من المتوقع ان يدعو الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش الاوربيين الى دعم موقف اكثر صرامة ازاء العراق خلال رحلته التي تستمر ستة ايام الى المانيا وروسيا وفرنسا وايطاليا. مراسل اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية شارلز ريكناغل يعرض لنا في التقرير التالي الطريقة التي قد يرد بها القادة الاوربيون على دعوات الرئيس بوش مع استمرار الخلافات القوية القائمة بين العديد من هذه الدول وواشنطن حول افضل الطرق للتعامل مع بغداد.
قبل مغادرته الولايات المتحدة في طريقه الى اوربا بيّن الرئيس جورج دبليو بوش موقف ادارته من العراق امام مجموعة من الصحفييين الاوربيين إذ قال متحدثا في واشنطن ان اي سياسة لاحتواء العراق لن تنجح لان هدف العراق هو امتلاك اسلحة دمار شامل. ثم اضاف وهنا اقتبس "كلمة احتواء لا يمكن ان تكون ناجحة ان كان لشخص ما القدرة على انتاج سلاح للدمار الشامل". ثم واصل قائلا: "كيف يمكن احتواء شخص لديه القدرة على ممارسة الابتزاز وعلى اطلاق هذه الاسلحة" انتهى كلام الرئيس بوش. غير ان الرئيس الاميركي قال ايضا رغم تأكيده ان الولايات المتحدة لم تقرر بعد ما يجب فعله ازاء العراق إن التهديد الذي تمثله بغداد لن يزول وسيكون علينا ان نتحرك.
ويلخص هذا ما بينته واشنطن للعواصم الاخرى منذ اشهر وهو ما سيكرره الرئيس بوش على الارجح خلال زيارته. ومن المتوقع ان ينتهز الرئيس الاميركي خطابا مهما سيلقيه في البرلمان الالماني البوندستاغ في برلين اليوم كي يدعو الاوربيين الى دعم سياسة اكثر صرامة ازاء العراق وكي يركز على وجهة نظر واشنطن بان العراق يجب ان يكون هدف َ الحرب الدولية على الارهاب. علما ان المسؤولين الاميركيين كانوا قد حذروا من محاولة العراق ودول معادية اخرى تطوير اسلحة دمار شامل قد يسلمونها في احد الايام الى مجموعات ارهابية. وعلما ايضا ان واشنطن كانت قد اتهمت العراق وايران وكوريا الشمالية بالسعي الى تطوير اسلحة دمار شامل ووصفتها بكونها تشكل تهديدا على أمن الغرب.
ولكن إن كانت ادارة الرئيس بوش قد دعت المجموعة الدولية الى مشاركتها قلقها من برامج الاسلحة العراقية فان الرئيس الاميركي واثق تقريبا من ان العديد من القادة الاوربيين ينظرون الى المشكلة العراقية بطريقة مختلفة.
ويقول المحللون السياسيون الاوربيون ان القادة الاوربيين يشاركون واشنطن قلقها من استمرار العراق في محاولاته لتطوير اسلحة دمار شامل رغم نظام العقوبات المفروض على البلاد والهادف الى اجبارها على اثبات عدم امتلاكها اسلحة تهدد بها جيرانها.
ومع ذلك فقليل من هؤلاء القادة أعربوا عن تأييدهم استخدام القوة العسكرية لتجريد العراق من اسلحته واسقاط نظامه في حال رفض التعاون مع المفتشين. وكانت واشنطن قد تحدثت عن احتمال استخدام القوة وقالت إنها تدرس جميع الخيارات للتعامل مع العراق وانها ستقوم بعمل منفرد اذا ما اقتضت الضرورة.
ويقول ستيفن ايفرتز وهو خبير في سياسة الاتحاد الاوربي الخارجية في مركز الاصلاح الاوربي في لندن إن لدول الاتحاد الاوربي مواقف مختلفة ازاء العراق. الا ان الغالبية لا تعتبر بغداد تهديدا امنيا بقدر ما تعتبرها واشنطن. واضاف:
"من المعروف تماما ان بعض دول الاتحاد الاوربي مثل فرنسا كانت تشك دائما بفعالية نظام العقوبات وهي تشك الان بالتأكيد بفعالية عمل عسكري. وهناك دول اخرى في الاتحاد الاوربي، لا سيما بريطانيا ودول اخرى، اتخذت مواقف اكثر صرامة على الدوام".
ثم اضاف:
"الخلاف القائم مع الولايات المتحدة يتعلق بتقييم العراق. اي كم حجم التهديد الذي يمثله صدام حسين وكم هو حجم التهديد الذي تمثله برامج اسلحته على الدول الاوربية او على الولايات المتحدة. الاغلبية في الولايات المتحدة تشعر بالقلق من هذا التهديد بشكل عام بينما الاغلبية في اوربا تشعر بقلق اقل ازاءه".

ويقول ايفرتز ايضا إن غالبية القادة الاوربيين يعتقدون ان اسلحة الدمار الشامل العراقية يمكن السيطرة عليها بشكل افضل في اطار اعمال التفتيش اذا ما امكن الضغط على بغداد كي تعيد المراقبين. الا ان المسؤولين الاميركيين عبروا عن ارتيابهم في ان يسمح العراق باستئناف التفتيش بطريقة تضمن تدمير اسلحة بغداد وبرامجها.
ومما يذكر هنا ان الامم المتحدة والعراق يجريان محادثات حول شروط استئناف التفتيش الذي توقف منذ نهاية عام 1998 عندما منعت بغداد المراقبين من العودة فوجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية اليها. وقال فريد ايكهارد الناطق باسم الامم المتحدة اول امس إن جولة جديدة من المباحثات، هي الثالثة هذا العام، ستعقد في اوائل تموز في فيينا. علما ان هذه المباحثات لم تؤد الى التوصل الى اتفاق حتى الان.
ويقول المحللون بان دول الاتحاد الاوربي ما تزال مترددة في استخدام القوة العسكرية ضد العراق الا اذا ثبت أن صدام ينسف الجهود الجديدة المبذولة لفرض نظام رقابة فعال على الاسلحة. فعندها فقط قد تنتقل دول الاتحاد من دعم الستراتيجيات الدبلوماسية الى دعم الحلول العسكرية.
هذا ومن المرجح الا تدعم موسكو التي سيزورها الرئيس بوش هذا الاسبوع استخدام القوة ضد العراق تماما. علما ان روسيا كانت اقوى صوت في مجلس الامن لصالح استخدام المحفزات بهدف الحصول على تعاون العراق على صعيد التفتيش عن الاسلحة. ويشمل ذلك تخفيف العقوبات او رفعها. كما انضمت موسكو الى الولايات المتحدة في دعم التشديد على دخول السلع العسكرية الى العراق وتخفيف الرقابة على السلع المدنية وهي خطوة اتخذتها الامم المتحدة هذا الشهر رغم اعتراض العراق. الا ان موسكو تظل تدعو الى حل المشاكل بتعاون من العراق.
ويقول ايفرتز إن جزءا من الموقف الروسي يقوم على علاقاتها التجارية مع بغداد. إذ تسيطر الشركات الروسية على ثلث سوق الصادرات النفطية العراقية في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء. وكانت الحكومة الروسية قد قالت انها تعتمد على هذا وعلى التجارة النفطية المستقبلية في استرجاع سبعة مليارات دولار من ديون مستحقة لها لدى العراق على مبيعات اسلحة في الثمانينات. ولفرنسا في الوقت نفسه ديون ضخمة لدى بغداد كما انها هي الاخرى شريك تجاري مهم للعراق في اطار البرنامج نفسه.
ويقول المحللون السياسيون إن من المرجح ان يثير العديد من القادة الاوربيين خلال زيارة الرئيس بوش عددا من المخاوف. مثل ما نوع الحكومة الجديدة التي تأمل فيها واشنطن في بغداد بعد القيام بعمل عسكري. ومن المرجح ان يسألوا الرئيس الاميركي ايضا عن آثار عمل عسكري من هذا النوع على الدول العربية الاخرى.
ويقول ايفرتز بان قلق الاوربيين الرئيسي في الشرق الاوسط ليس العراق ولكن كيفية النهوض بتحديث الدول الاسلامية وتجنب صراعات قد تثير التطرف. واضاف:
"اعتقد ان الازمة العراقية تعرقل بالنسبة للاوربيين ما اتفقت عليه الولايات المتحدة واوربا بخصوص النهوض بتحديث الدول الاسلامية وتأمين انفتاحها السياسي على المدى البعيد وجعلها اقرب الى سوق الاقتصاد العالمي".

ثم قال ايضا:
"الا ان الاوربيين يتساءلون عن تأثير صراع في العراق على هذه الامور؟ فهل سيساعد في وضع الدول الاسلامية في موقف افضل على الصعيدين السياسي والاقتصادي ام هل سيهيج نيران التطرف الاسلامي في بعض الدول الاسلامية؟ وان حدث الامر الاخير فهل ستكون النتيجة النهائية لعمل عسكري ضد العراق ايجابية".
وامام هذه الترددات المستمرة أكد مسؤولو الولايات المتحدة هذا الاسبوع مرة اخرى بان العمل العسكري ضد العراق مجرد واحد من خيارات عديدة تدرسها واشنطن.
وقالت غوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي يوم الاثنين بان الرئيس بوش لم يتخذ اي قرار بعد حول ما يجب فعله ازاء الوضع الراهن في العراق الا ان هذا الوضع الراهن غير مقبول.

على صلة

XS
SM
MD
LG