روابط للدخول

خبر عاجل

مراجعة لدراسة أميركية بعنوان: هل المحطة القادمة هي بغداد؟ - الجزء الثاني


كنا قدمنا إليكم، مستمعينا الأعزاء، في حلقة الأسبوع الماضي من هذا البرنامج مراجعة للجزء الأول من دراسة أعدها Kenneth Pollack – الزميل الأقدم في مجلس العلاقات الخارجية ونائب مديره لشؤون الأمن القومي، والمدير السابق لشؤون منطقة الخليج في مجلس الأمن القومي الأميركي – وهي بعنوان (هل المحطة القادمة هي بغداد؟) نشرتها في عددها الأخير مجلة Foreign Affairs الفصلية الأميركية. وتركز الجزء الأول على مناقشة جدوى سياستي الردع والاحتواء في التعامل مع النظام العراقي والترويج لاحتمال جعل العراق المرحلة التالية من الحرب ضد الإرهاب، مذكرا بأن حرب الخليج – رغم ما أسفرت عنه من إضعاف العراق عسكريا – إلا أنها لم تؤد في نهاية المطاف إلى إطاحة نظام صدام حسين. وينتقل الباحث في الجزء الثاني من الدراسة إلى طرح تساؤلات ثلاثة، وهي: هل ستختلف النتيجة هذه المرة؟ ما الذي يبرر غزو العراق؟ إن لم ينفذ الأمر الآن، فمتى يتم تنفيذه إذا؟ ومن أجل الإطلاع على وجهة نظر إقليمية عربية عما، أجرينا مقابلة هاتفية مع المحلل السياسي من أصل مصري عادل درويش، وسنستمع الى هذه الآراء في سياق العرض.

--- فاصل ---

يؤكد الباحث في معرض إجابته عن التساؤل الأول أن مفتاح النصر في أفغانستان تمثل في الحملة الجوية الأميركية التي دحرت قوات حركة طالبان المقاتلة، تاركة لتحالف الشمال الأفغاني مهام التمشيط والاستيلاء على مواقع المقاومة المتفرقة. أما فيما يتعلق بالعراق – حيث سيترتب على هذه القوة الجوية أن تحقق ما لا يقل عما حققته في أفغانستان – فليس في شواهد التاريخ ما يشجع على توقع هذه النتيجة.
ويذكر Pollack بأن حرب الخليج شهدت الولايات المتحدة وهي تضرب العراق بأقوى حملة جوية تمهيدية شهدها التاريخ، وهي الحملة التي تركت القوات المسلحة العراقية في وضع هزيل بالمقارنة مع قدراتها السابقة. غير أنها – رغم ضعفها – تمكنت من القضاء على أكبر تمرد في تاريخ العراق. لذا – بحسب الدراسة – فإن الذين يحبذون شن حرب على العراق على غرار الحملة الأفغانية، يراهنون على أن عملية عسكرية أميركية أصغر بكثير من تلك التي نفذت في 1991 ستسفر – بشكل وآخر – عن نتائج باهرة هذه المرة.
وينبه الباحث إلى أن تطبيق عمليات أفغانستان في العراق سيترك الولايات المتحدة مكشوفة بدرجة خطيرة أمام هجمات صدام حسين المضادة، ويقول إن صدام – حين يدرك أن واشنطن عازمة فعلا على تغيير النظام في العراق – سيلجأ إلى كل ما لديه من أسلحة في الرد عليها، بما في ذلك الصواريخ من نوع سكود – والذي يتراوح عددها بين 30 و40 صاروخا – مجهزة برؤوس بيولوجية أو كيماوية كان تمكن من إخفائها عن أنظار مفتشي الأمم المتحدة، بحسب المعلومات المتوفرة لدى الاستخبارات الأميركية. ويتوقع الباحث أن صدام حسين – فور مباشرة الولايات المتحدة في شن عملياتها الجوية – سيتحرك نحو القضاء على الكرد بكل ما يصاحب هذا التحرك من قمع وذابح، ويضيف أن الولايات المتحدة – ما لم تتمكن قواتها البرية من احتلال حقول النفط العراقية في بداية الحملة – أن تتوقع لجوء صدام حسين إلى تدميرها، تماما كما فعل في الحقول الكويتية في 1991. ويمضي Pollack إلى أن الدول المجاورة للعراق تؤكد عدم تأييدها لمثل هذه الحملة، فلقد أكدت لواشنطن أنها لن تساهم في عملية عسكرية أميركية لا نهاية واضحة لها ولا احتمالا واضحا لنجاحها. وينسب في هذا المجال إلى مسؤول كبير في مجلس التعاون الخليجي قوله: حين تكونون مستعدين لاستخدام كل ما لديكم من قوات وقوة، ستجدوننا واقفين جنبكم، ولكننا لسنا على استعداد لترككم تجربون نظرياتكم المتعلقة بمدى فعالية قدراتكم الجوية.
ويعلق عادل درويش – المحلل السياسي المقيم في بريطانيا – على هذا الموضوع بقوله:

(عادل درويش 1)

--- فاصل ---

وعن مبررات غزو العراق يقول Pollack إنه لا بد من جعل الغزو الخيار الأخير، لما ينطوي عليه من تكاليف بشرية ودبلوماسية ومالية. ولكن – ولكون الخيارات الأخرى خيارات أسوأ – فلقد أصبح الغزو في هذه الحالة – مع الأسف – الخيار الضروري والوحيد.
ويمضي الباحث إلى أن مبررات الغزو لها منطقها الإستراتيجي السليم، فمن خلاله يمكن القضاء على احتمال عودة صدام حسين إلى بناء آلته العسكرية وإلى اقتناء الأسلحة النووية التي تمكنه من تهديد إمدادات النفط العالمية. كما يتيح الغزو للولايات المتحدة إعادة نشر معظم قواتها في أماكن بعيدة عن منطقة الخليج، وسيؤدي إسهام أميركا في إعادة تعمير العراق وفي إعادته إلى محافل السياسة الإقليمية، الأمر الذي سيقضي على عقبة مهمة تقف أمام العلاقات الأميركية مع العالمين العربي والإسلامي.
ويتابع Pollack في دراسته قائلا إن الخسائر البشرية المترتبة على عملية الغزو ربما تفوق خسائر حربي أفغانستان والخليج، إلا أنه لا يتوقع بلوغها درجة الكارثة. أما العاملين اللذان من شأنهما زيادة عدد هذا الخسائر فهما استعداد القوات العراقية على القتال المستميت في الدفاع عن مدنها، أو اتخاذ صدام حسين قرار استخدام أسلحته غير التقليدية في العملية.
وبغية منع العراق من الانهيار والتفكك في أعقاب الغزو سيترتب على الولايات المتحدة – استنادا إلى الدراسة – أن تفعل الكثير من أجل إصلاح الخراب الحاصل في الاقتصاد العراقي منذ تولي صدام السلطة في العراق. ففي وسع أميركا أن تحصل على أموال لهذه الغاية من دول مجلس التعاون وربما بعض الدول الأوروبية والآسيوية المعتمدة على مصادر النفط في الخليج. ويوضح Pollack أن التقديرات تشير إلى أن تكاليف إصلاح الاقتصاد العراقي تقدر بين 50 و150 مليار دولار، دون احتساب تكاليف إصلاح أضرار الحرب الجديدة، الأمر الذي يحتم على الولايات المتحدة أن تستعد للمساهمة بعدة مليارات من الدولارات سنويا لمدة قد تصل إلى عشر سنوات.
أما عادل درويش فرأى في هذا الشان ما يلي:

(عادل درويش 2)

--- فاصل ---

وينتقل Pollack في دراسته إلى موضوع تحديد موعد العملية المرتقبة ضد الرئيس العراقي ويقول إنه من الخطأ – رغم ما يصر عليه الصقور – اعتبار العمليات ضد العراق مجرد جزء من الحرب ضد الإرهاب، فالمعضلة التي تواجه أميركا الآن هي أن مهاجمة العراق ربما تعرض هذه الحرب على احتمال الفشل. ولكن كل تأخير للهجوم على العراق سيجعل الأمر أكثر صعوبة ويزيد من احتمال نجاح صدام حسين في تعزيز قوته.
ويمضي الباحث إلى أن الدافع وراء مجرد التفكير في كل ما سيسفر عنه الغزو من تكاليف يكمن في أن صدام حسين – في حال حصوله على أسلحة نووية – سيتمكن من إشعال الفوضى في المنطقة وفيما أبعد منها.
ويضيف الباحث أن اللذين يحبذون تنفيذ هجوم فوري على العراق يستندون إلى حقيقة واقعية، فكلما طالت الفترة بين النجاح في أفغانستان والحرب المرتقبة على العراق، زادت صعوبة حشد التأييد الداخلي والدولي للعملية، رغم أن الدوافع وراء غزو العراق لا علاقة لها بصلات العراق الحقيقية أو المفترضة بالإرهاب. ويرى Pollack أن في مقدور الولايات المتحدة أن تتريث فترة من الزمن قبل التوجه ضد صدام حسين، ولكن عليها ألا تطيل هذه الفترة.

على صلة

XS
SM
MD
LG