روابط للدخول

خبر عاجل

الدور التركي في الحرب المتوقعة ضد العراق


ناظم ياسين يرى أحد خبراء الشؤون التركية أن أنقرة ستكون مضطرة على المشاركة في أي عملية عسكرية محتملة ضد العراق على الرغم من معارضتها لها. ورد ذلك في تحليل نشرته (ديلي ستار) البيروتية التي تصدر باللغة الإنكليزية. (ناظم ياسين) اطلع على التحليل وأعد العرض التالي.

نشرت صحيفة (ديلي ستار) التي تصدر باللغة الإنكليزية في بيروت مقالا الخميس بقلم خبير الشؤون التركية (محمد نور الدين) عن الدور التركي في العملية العسكرية الأميركية المتوقعة ضد العراق.
يستهل المقال بالإشارة إلى أن زيارة نائب الرئيس الأميركي (ديك تشيني) إلى أنقرة في التاسع عشر من آذار الحالي تمت بعد نحو شهرين من زيارة رئيس الوزراء التركي (بلند إيجيفيت) إلى واشنطن.
ولم تشهد الفترة الفاصلة أحداثا مهمة على الصعيد الدولي سوى التصعيد الخطير لحملة الإبادة التي يشنها (أرييل شارون) ضد الشعب الفلسطيني، بحسب تعبيره.
لكن هذا لوحده دليل كاف على وجود عقبات هائلة أمام المرحلة الثانية من حرب الرئيس جورج دبليو بوش على الإرهاب لا سيما وأن معظم الأهداف المستهدفة هي دول أو منظمات عربية كالعراق واليمن والسودان والصومال وحزب الله والجهاد الإسلامي.
ولعل من سوء الطالع أن ختم (تشيني) جولته على الشرق الأوسط في أنقرة. ذلك أنه وصل إلى تركيا بعدما استمع إلى الزعماء العرب الذين التقى بهم وهم يعارضون توجيه ضربة عسكرية ضد العراق، في الظروف الراهنة على الأقل. ولم يكن ليتوقع أن يكون موقفهم مغايرا لذلك. إذ كيف يمكن لزعيم عربي أن يوافق على ضرب دولة عربية في الوقت الذي تهاجم إسرائيل الفلسطينيين بدعم أميركي؟
الكاتب يقول إن (تشيني) توجه إلى الشرق الأوسط بعدما أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لاستخدام قوتها العسكرية الساحقة ضد الأهداف الفلسطينية. وكانت الفكرة هي أن توفر له الحملة العسكرية الإسرائيلية وسيلة ضغط على الزعماء العرب. لكن صمود الفلسطينيين خيب توقعات (تشيني) على نحو لم يتمكن فيه من مواجهة المعارضة العربية لمهاجمة العراق، بحسب تعبير الكاتب محمد نور الدين.

--- فاصل ---

خبير الشؤون التركية يضيف أن أنقرة لم تكن بحاجة إلى هذه المواقف العربية لكي تؤكد ل (تشيني) من جديد معارضتها أي حملة عسكرية ضد العراق. وكان رئيس الوزراء التركي (إيجيفيت) أبلغ واشنطن خلال زيارته الأخيرة في كانون الثاني الماضي بموقف بلاده المعارض مشيرا إلى أن مثل هذه الحملة قد تؤدي أيضا إلى ازدياد كراهية العرب لتركيا.
لذلك يمكن القول إن (إيجيفيت) كان مسرورا للغاية من الموقف المعارض الذي أبداه الزعماء العرب. فيما عززت تطورات الساحة الفلسطينية موقف تركيا الداعي إلى التخلي عن فكرة مهاجمة العراق أو على الأقل تأجيلها في الوقت الراهن.
وقبل بضعة أيام من جولة (تشيني)، صرح (إيجيفيت) بأن المسألة الفلسطينية، وليس العراق، هي القضية الأهم في الشرق الأوسط حاليا لافتا إلى أن التطورات الخطيرة تضع على كاهل الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة لأن تفعل شيئا إزاءها.
لكن معارضة تركيا لاستهداف العراق لا تعني أن أنقرة ستنأى بنفسها عما قد يحدث في هذه الدولة أو أن بإمكانها تفادي نتائج الأحداث المحتملة هناك في الأشهر المقبلة. ويرى الخبير نور الدين أن أنقرة، شاءت أم أبت، سوف تتورط في أي عملية محتملة ضد العراق. لكن الأتراك سوف يتصرفون وفقا لمصالحهم وتحالفاتهم خاصة وأن (تشيني) أحاطهم علما بمدى جدية واشنطن في تنفيذ خططها. والانطباع السائد في أنقرة هو أن واشنطن أبلغت الحكومة التركية، قبل زيارة (تشيني) وبعدها، بعزمها على مهاجمة العراق. لكنها أشارت إلى عدم وجود خطط للتنفيذ في الوقت الراهن. وهذا ما صرح به (إيجيفيت) إثر اجتماعه مع نائب الرئيس الأميركي.

--- فاصل ---

وفي تحليله للموقف التركي، يعتبر الكاتب نور الدين أن أنقرة لا يمكن أن تتجاهل علاقاتها المتوترة حاليا مع الاتحاد الأوربي خاصة في أعقاب التصريحات التي أدلى بها الجنرال (تونجر كيلينتش)، أمين عام مجلس الأمن القومي التركي الذي يتمتع بسلطة كبيرة في البلاد. ففي إحدى الندوات التي عقدت أخيرا، ذكر (كيلينتش) أنه ينبغي على تركيا أن تبدأ في البحث عن بدائل لأوربا. ومن بين البدائل التي اقترحها روسيا وإيران، إضافة إلى الولايات المتحدة بالطبع.
وبسبب الطبيعة العلمانية للنظام، فإن تركيا لا تجد أمامها في الواقع سوى خيارين اثنين في انتهاج سياساتها الدولية والإقليمية، هما أوربا والولايات المتحدة. وكلما ساءت العلاقات التركية-الأوربية، تصبح أنقرة أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة.
وليس بوسع الأتراك نسيان الدور الذي لعبته واشنطن في مساعدتهم على تجاوز أزمتهم الاقتصادية حينما تدخلت لدى صندوق النقد الدولي لمنح أنقرة قروضا ومعونات تبلغ أكثر من ثلاثين مليار دولار. ذلك أن هذه المساعدات أسهمت إلى حد بعيد في تجنيب البلاد كارثة اقتصادية وأنقذتها من مصير مماثل واجهته الأرجنتين.
إلى ذلك، تدرك تركيا جيدا مدى النفوذ الذي تتمتع به واشنطن في التأثير على مجريات الأمور فيما يتعلق بالعراق. فالولايات المتحدة هي التي تستطيع أن تدعم أو تمنع قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق. وأميركا هي وحدها التي تستطيع الضغط على شركات النفط العاملة في منطقة قزوين لاستخدام خط الأنابيب بين باكو وجيهان، على حد تعبير الكاتب نور الدين.
وعلى خلفية المعارضة التركية المعلنة لعملية عسكرية ضد العراق، يتساءل خبير الشؤون التركية عما سيكون عليه موقف أنقرة في حال تصميم الإدارة الأميركية على المضي قدما في توجيه الضربة.
فيجيب قائلا إنه وفقا للمعلومات التي توفرت أثناء زيارة (تشيني)، سيكون الأتراك على استعداد للمشاركة في أي عملية عسكرية أميركية تنفذ في المستقبل ضد العراق وفق شروط يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.
وفي هذا الصدد، ينقل الكاتب عن أحد مسئولي وزارة الخارجية الأميركية قوله عشية وصول (تشيني) إلى أنقرة إن تركيا هي دولة "نرتبط معها بمستوى ممتاز من التعاون. ولن يجئ نائب الرئيس الأميركي لمناقشة القضايا المالية والعسكرية والاستخباراتية. بل إنه يزور تركيا للبحث في مسألة توقيت الهجوم على العراق"، بحسب تعبيره.
أما (تشيني) فقد صرح قبل مغادرته الشرق الأوسط بأنه في حال اتخذت واشنطن قرارا لتنفيذ عملية ضد العراق، "ستكون المشكلة الوحيدة مع تركيا هي مسألة التوقيت"، على حد تعبيره.

--- فاصل ---

من جهة أخرى، يرى الكاتب نور الدين أن تركيا لا ترغب في معاداة العرب من جديد لا سيما وأن علاقاتها مع الدول العربية، خاصة سوريا والعراق، تحسنت كثيرا منذ خريف عام 1998.
ومن المقرر أن توقع تركيا وسوريا على اتفاق للتعاون العسكري في الشهر المقبل. لذلك لن تجازف أنقرة في المشاركة بضربة ضد العراق طالما استمر شارون في قمع الفلسطينيين بشكل دموي، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بالتوقيت، تفضل أنقرة أن تتم الضربة (إذا ما تقرر تنفيذها) بعد انتهاء موسم الصيف السياحي. فالأتراك لا يريدون خسارة الموارد التي يدرها هذا الموسم وتقدر بثمانية مليارات دولار رغم أنهم قد يعيدون النظر في حال قرر الأميركيون تعويضهم عنها.
ومن وجهة النظر التركية، يعتقد الكاتب أن الأمرين الأكثر أهمية من التوقيت هما آلية تنفيذ الضربة العسكرية ومستقبل العراق بعد إطاحة صدام حسين.
وكما ذكر الأتراك مرارا في السابق، فإن النقطة الجوهرية لمعارضتهم ضربة ضد جارتهم الجنوبية تعزى إلى مخاوفهم من إقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق. كما أن تركيا تبدي أيضا قلقا في شأن وحدة العراق وترغب في أن يكون للأقلية التركمانية دور في تقرير مستقبل نظام الحكم في البلاد.
الكاتب يذكر أن الشيء الجديد في الموقف التركي هو رفض أنقرة تأييد دور للكرد العراقيين في أي عملية عسكرية محتملة وذلك لمنعهم من الفوز بأي مكاسب سياسية.
وفي ضوء التصريح الذي أدلى به (إيجيفيت) أخيرا بأن "الهجوم على العراق سيؤثر في تركيا على نحو خطير"، يختم الكاتب بالقول إن أنقرة تشعر بالقلق والارتباك والفزع من هذه المسألة. "لكنها بالتأكيد، ومهما يكن حجم مشاركتها، سوف تكون هناك في اليوم المحدد لشن الهجوم"، على حد تعبير خبير الشؤون التركية محمد نور الدين في مقاله المنشور في صحيفة (ديلي ستار) البيروتية التي تصدر باللغة الإنكليزية.

على صلة

XS
SM
MD
LG