روابط للدخول

خبر عاجل

تقرير حول المعاناة الإنسانية للعراقيين في ظل العقوبات الدولية


صحيفة الـ Wall Street Journal الأميركية تناولت في مقال اليوم المعاناة الإنسانية للعراقيين في ظل العقوبات الدولية، لكنها سخرت من آراء المدعين بأن هذه العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة تجعل العراقيين العاديين ضحايا لها.

وتتابع الصحيفة في مقالها المعنون (الإحصائيات المشكوك بها – هل تمكن العراق من استغفال الإنسانيين؟) أنه لا بد من توضيح الحقيقة المتعلقة بالعقوبات على العراق قبل أن يبدأ الناس بتفسير إجراءات التحالف ضد الإرهاب بأنها مخالفة للمبادئ الإنسانية.
أما تصوير النظام العراقي بأنه الضحية وليس المعتدي فيمكن – بحسب المقال - تفنيده من خلال مراجعة سريعة لسجل النظام العراقي، الذي قام، بين إجراءات أخرى، بشن عدوان وحشي على اثنين من جيرانه، وضرب مواطنيه الكرد بالأسلحة الكيماوية، وقام بإعداد صواريخه وقنابله لتكون ملائمة لنشر بكتيريا الجمرة الخبيثة وغيرها من العناصر البيولوجية، الأمر الذي جعل كبير مفتشي الأمم المتحدة السابق Richard Butler لا يستبعد احتمال أن يكون العراق مصدر البكتيريا أو الخبرة المستخدمتين في الظاهرة الإرهابية الثانية في الولايات المتحدة.
أما نقطة البداية في تفنيد الإعلام الذي يثير قلق رجال الدين وغيرهم من منتقدي السياسة الأميركية، فهي – استنادا إلى المقال – آلية الإعلام الحكومي العراقية. فالعراق – شأنه في ذلك شأن دول أخرى مثل كوبا وكوريا الشمالية وبورما وليبيا – يصر على عدم تقديم بياناته الاقتصادية الأساسية إلى الأمم المتحدة، وهو أحد شروط العضوية في المنظمة. وتؤكد الصحيفة أن دليل البنك الدولي للعام الحالي يتضمن تقديرات متوسط الدخل الفردي في 207 من دول ومناطق العالم، باستثناء هذه الدول الخمسة ذات الأنظمة الدكتاتورية. كما لا تنشر أية معلومات – بحسب المقال – عن نسبة نمو الإنتاج الإجمالي الداخلي في العراق، ولا عن أي من هيكله الاقتصادي، أو الاستثمار، أو نسبة التضخم، أو الإنفاق الحكومي، أو الاستهلاك الخاص، أو موازنة حساب البلاد الجاري، أو الديون الخارجية. كما تمتنع بغداد أيضا عن تقديم معلومات حول توجهات العراق الاجتماعية. أما البيانات التي يختار النظام العراقي تقديمها إلى الأمم المتحدة فلا يعتمد على أغلبها بسبب السرية وغياب المساءلة الديمقراطية اللتين يتميز بهما هذا النظام.

--- فاصل ---

وتمضي الصحيفة في مقالها إلى أن الرئيس العراقي صدام حسين يستند إلى إستراتيجية مزدوجة فيما يتعلق بالعقوبات. فهو مستمر أولا في إصراره على خلو العراق من الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية ومن البرامج الخاصة بتطويرها. أما الشطر الثاني في إستراتيجيته فيتمثل في الإدعاء بأن العراقيين العاديين يعانون معاناة جسيمة في ظل العقوبات، أملا منه في نيل التأييد الدولي لرفعها. ورغم ذلك – يقول المقال – دأبت منظمة الصحة العالمية على تصديق البينات العراقية، ففي 1996 رسم تقرير المنظمة صورة للأوضاع في العراق بلغت مستوى من الكآبة لم يبق معها أمام مجلس الأمن سوى إصدار قرار النفط مقابل الغذاء والدواء، رغم استثنائهما في الأساس من نظام العقوبات. وتؤكد الصحيفة أن تقريرا لاحقا لمنظمة الصحة العالمية - وزعته في وقت سابق من العام الجاري على دول الاتحاد الأوروبي – يبين أن تخفيف القيود على صادرات النفط العراقي لم يسفر سوى عن تحسن طفيف في أوضاع العراق الصحية.
وتمضي الصحيفة قائلة إن تقارير منظمة الصحة العالمية لا تستند مطلقا إلى الموضوعية، فهي تعكس بل وتعزز البيانات التي تردها من الحكومة العراقية. لذا – تصر الصحيفة – لا بد للمجتمع الدولي من الانتباه إلى التباين في المعلومات المنشورة قبل التفكير في تعديل نظام العقوبات.

--- فاصل ---

الـ Wall Street Journal تشير في مقالها إلى عدد من جوانب الوضع العراقي المشكوك في صحة البيانات المتوفرة عنها. ففيما يتعلق بنسبة وفيات الأطفال تنسب الصحيفة إلى منظمة الصحة العالمية قولها في 1996 إن هذه النسبة تضاعفت بالمقارنة مع فترة ما قبل حرب الخليج، ويشير تقريرها في عام 2001 إلى أن النسبة تبلغ 108 حالة وفاة من بين كل 1000 مولود حي. غير أن أرقام البنك الدولي – الواردة هي الأخرى من مصادر عراقية – تؤكد أن النسبة انخفضت من 102 في 1990 إلى 101 في 1999.
وفي شأن نسبة الوفيات العامة، تنسب الصحيفة إلى المنظمة ادعاءها أن تردي أوضاع المرافق الصحية وانتشار سوء التغذية أسفرا عن زيادة في نسبة الوفيات بين غالبية السكان، بينما يقول البنك الدولي أن النسبة العامة للوفيات انخفضت من 18 حالة وفاة بين كل ألف مواطن في 1965 إلى عشرة حالات فقط في 1999.
كما تؤكد منظمة الصحة العالمية – استنادا إلى الصحيفة – أن الأغلبية الساحقة من سكان العراق تعاني منذ سنوات عديدة من شبه المجاعة. ربما يكون هذا صحيحا – تقول الصحيفة – ولكن كيف توصلت المنظمة إلى هذه النتيجة؟ فالعراق يحيط استهلاكه للمواد الغذائية بالسرية. أما دراسات أخرى فلقد أظهرت – بحسب المقال – زيادة كبيرة في مبيعات المواد الغذائية عبر قنوات التوزيع الخاصة، بينما تؤكد منظمة التغذية الزراعة العالمية أن مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل قد تضاعفت، في الوقت الذي ازدادت فيه نسبة الأراضي المروية إلى 64%، كما زاد استخدام الأسمدة بنسبة أربعة أضعاف.
وفي شأن توفر الأدوية، تنسب الصحيفة إلى منظمة الصحة العالمية قولها إن النقص في الموارد المالية من العملة صعبة يحد من استيراد الغذاء والدواء، تاركا العائلات العراقية والمستشفيات بلا الأموال اللازمة لشرائها. بينما يشير البنك الدولي – استنادا إلى الصحيفة – إلى أن نسبة الحصول على الدواء في العراق بلغت 85% في 1997، وهي نسبة تفوق النسبة السائدة في بلدان أخرى مثل سورية وماليزيا.

--- فاصل ---

وتستنج صحيفة الـ Wall Street Journal من هذه الأدلة أنه لا بد من التشكيك بالذرائع المطالبة برفع العقوبات على أساس إنساني، فقبل النظر في رفع العقوبات يتحتم على المجتمع الدولي أن يصر على ضرورة قيام العراق بفتح نافذة على اقتصاده ومؤسساته ونشاطه العسكري، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يتيح للعراقيين ولأصدقائهم وللدول الأخرى تقييم ما إذا كان النظام العراقي الحاكم يستحق نفس المعاملة الدولية التي تتمتع بها الدول الديمقراطية المحبة للسلام.

على صلة

XS
SM
MD
LG