روابط للدخول

خبر عاجل

التداعيات العالمية للهجمات على الولايات المتحدة


مؤسسة Stratfor للمعلومات تتميز بتخصصها في تحليل الأحداث العالمية وفي تركيزها على التوصل إلى توقعات محددة تستند إلى تحليلاتها، فلقد نشرت أخيرا تحليلا مفصلا للأوضاع العالمية في أعقاب الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الشهر الماضي، بما فيها الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان، وتوقعاتها في شأن طبيعة هذه الحملة ونتائجها. نقدم إليكم، مستمعينا الأعزاء، فيما يلي مراجعة لأهم عناصر هذا التحليل ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (في دور الفكر والنشر).

يقول التحليل إن الحرب على الإرهاب مليئة بالمخاطر بالنسبة إلى القوات الأميركية، لذا يبدو أن الخطة الأمثل لابد لها من الجمع بين قوات خاصة سريعة التنقل وصغيرة الحجم وبين ضربات جوية تنفذها طائرات تنطلق من الحاملات البحرية.
ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تحقق نجاحاً كبيراً، بشرط تحديد أهداف الحرب بدقة متناهية، إذ على الولايات المتحدة أن تركز أولا على إطاحة نظام طالبان في أفغانستان، الأمر الذي سيجعل من وضع أسامة بن لادن وضعاً مستحيلاً في هذا البلد.
والآن – يقول التحليل - ولقد أقحم قادة أميركا السياسيون البلاد في عمليات عسكرية في أفغانستان , فلابد للولايات المتحدة من وضع وتنفيذ خطط عسكرية تستند إلى عدد من الخيارات الواضحة , ومنها:
1- شن ضربات جوية عقابية على أفغانستان والقواعد المحتملة لشبكة القاعدة، باستخدام صواريخ كروز، والطائرات المحمولة بحراً وقاذفات القوة الجوية بعيدة المدى ينطلق بعضها من قواعد في الولايات المتحدة.
2- شن عمليات من قبل القوات الخاصة ضد بن لادن شخصياً وضد البنية التحتية لشبكة القاعدة بشكل عام.
3- شن حرب جوية منظمة على أفغانستان باستخدام ما ورد في الفقرة أولاً , إضافة إلى طائرات تنطلق من قواعد برية قريبة من مسرح العمليات في أفغانستان.
4- استخدام القوات الخاصة والدعم اللوجستي، بغية تمكين القوات المناوئة لطالبان من إطاحة الحكومة.
5- استخدام القوات البرية المنتشرة حول أفغانستان في غزو البلاد، بهدف الاستيلاء على المدن والطرق الرئيسية.
6- استخدام القوات البرية في غزو أفغانستان وتدمير الجيش الأفغاني والسيطرة على البلاد بشكل عام.

--- فاصل ---

ويبدو لمؤسسة Stratfor أن الآليات الأساسية المتاحة للولايات المتحدة تستند إلى استخدام القوات الخاصة في مجموعات صغيرة نسبياً، تتمتع بقدرة فائقة على التحرك، وبالحصول على افضل ما يمكن للاستخبارات الأميركية أن تقدمه من معلومات شاملة وآنية.
ويمكن - في رأي المؤسسة - تعزيز قدرات هذه القوات باستخدام قوات اكبر محمولة جواً، ولكن لابد للأخيرة أن تكون محدودة الحجم وذلك لاعتبارات سياسية ولوجستية.
أما القوة الجوية الضاربة فيجب أن تكون محمولة بحراً، مع بعض الاعتماد على الإسناد الاستراتيجي الذي توفره القاذفات بعيدة المدى، وربما - في ظروف خاصة ومحدودة - من قبل القوات الجوية المتمركزة في تركيا ومنطقة الخليج.
أما مفتاح باب النجاح – استنادا إلى التحليل - فيتمثل في قِصَر الفترة الزمنية اللازمة للعمليات، فقبضة نظام طالبان على البلاد ليست بالضرورة قوية بالدرجة الظاهرة لأول وهلة، ومن الممكن بالتالي - من خلال العمليات الفعالة - بث شعور بالهزيمة الوشيكة بين صفوفه.
وباختصار - تقول المؤسسة - فإن الإستراتيجية الأمثل هي التي تجمع بين جميع عناصر التمرد والعصيان، بما فيها الحرب النفسية وتزويد المتمردين بالسلاح.
والذي يميز هذه الاستراتيجية هو كونها الوحيدة القادرة على تحقيق إطاحة طالبان وتدمير بن لادن.
ونحن نعتقد - والقول لـ Stratfor - أن هذا الخيار هو ما اختاره فعلاً المخططون العسكريون. فهذه الحرب لن تشهد نشراً هائلا للطائرات والفرق العسكرية إلى المنطقة، فهي حرب عصابات تلعب فيها الولايات المتحدة دور منسق عمليات المتمردين.

--- فاصل ---

وتؤكد المؤسسة أن عملية الاعتداء على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون لم تكن أول عملية تقوم بها شبكة القاعدة ضد الولايات المتحدة. فلقد تم الربط بين هذه الشبكة واعتداءات سابقة في كل من اليمن وتنزانيا وكينيا، كما تشير الدلائل إلى قيامها بوضع خطط لهجمات أخرى في مختلف أنحاء العالم، لذا فمن البديهي أن القاعدة تعمل على نطاق عالمي، وعليها – بحسب التحليل – أن تحرك أفرادا ومعدات وأموالا من وإلى جميع قارات العالم. وعليها أيضا أن تتناقل المعلومات عبر القارات وأن تعمل مع عناصر محلية في أي مكان. هكذا – تقول Stratfor – حتى لو تم القضاء على القاعدة في أفغانستان وعلى عناصرها العاملة في أميركا الشمالية، ستبقى هذه الشبكة تشكل تهديدا، نتيجة قدرتها على تجديد منظوماتها الخاصة بالقيادة والسيطرة، الأمر الذي ربما يتيح لها مواصلة عملياتها دون انقطاع.

--- فاصل ---

وترى مؤسسة Stratfor في تحليلها أن بن لادن تعلم الكثير من إخفاقات المنظمات الإرهابية الشيوعية في السبعينيات من القرن الماضي، وتوصل بالتالي إلى تأسيس كيان يختلف في جوهره عن تلك المنظمات. ومن بين ما يميز تنظيم القاعدة:
- أنها دولية بطبيعتها. فهي لا تتمركز حول مركز ثقل له وجود في مكان محدد، فحتى القواعد في أفغانستان لها مثيلاتها في أماكن أخرى.
- كما إن تنظيم خلاياها يتميز في كونه أفقيا وليس عموديا، أي إنه يتكون من مجموعات متناثرة جغرافيا لا تلتقي سوى عند قيامها بتنفيذ عملية ما. لذا فإن القبض على إحدى المجموعات لن يسفر عن تقويض المجموعات الأخرى ولا عن إرباك هيكل القيادة والسيطرة. وتبدو كل من هذه المجموعات ولها هيكل خاص بها للقيادة والسيطرة يمكنها من الاستمرار في العمل لفترات طويلة دون الحاجة إلى الاتصال بغيرها.
- كما يسعى بن لادن إلى عدم الاعتماد على مؤسسات الاستخبارات الحكومية، كما لا يعتمد في التمويل على أي مصدر محدد، رغم استعداده لتلقي الدعم من مصادر متعددة. ونجح أيضا في إقامة وإدامة الروابط مع جماعات أخرى تشاركه توجهاته، دون محاولة دمجهم في نظام عمله الأساسي.

--- فاصل ---

أما في شأن التعاون الاستخباري بين الولايات المتحدة وحلفائها، تقول المؤسسة إن تحقيقه ليس سهلا، إذ سيحد التحالف، بطبيعته، من حرية أميركا في التصرف. فمن المتوقع أن يلجأ الحلفاء إلى تحوير ما لديهم من استخبارات بما يجعلها تلائم مصالحهم، كما إنهم سيسعون جاهدين إلى فرض قيود على العمليات في أراضيهم. أما دخول الولايات المتحدة في حرب بمفردها فليس ممكنا، إذ لا يجوز لها خوض حرب على أراضي دول أخرى.
هكذا يترتب على الولايات المتحدة أن تقوم بتفكيك شبكة القاعدة دون تعريض علاقاتها مع الآخرين إلى الخطر. وتتابع Stratfor في تحليلها قائلة إن وضيفة الاستخبارات الأميركية هي البحث عن نقاط الضعف في تنظيم بن لادن، من أشخاص وأموال ومنشآت ليتم تدميرها من قبل القوات الأميركية السرية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، ودون الحصول – في كثير من الأحيان - على إذن الدول المضيفة لهذه القوات.
وتستنتج المؤسسة من خلال تحليلها هذا أن على الولايات المتحدة أن تحدث إصلاحات في إمكانياتها الاستخبارية، وتشير إلى قول البعض إن هذه الإصلاحات لا يمكن إجراؤها في زمن الحرب، غير أن Stratfor تؤكد أن تعزيز الإمكانيات الاستخبارية يتم فعلا في هذه الأوقات، لأن الاعتماد على الأساليب المألوفة لا يحمل في ثناياه سوى المخاطر الجسيمة. وتؤكد مؤسسة المعلومات الأميركية أن هذه الحرب ستكون طويلة وسوف تتعرض أميركا إلى الهجمات المضادة، ولكن المثابرة والدهاء هما اللذان سيتمكنان من شبكة القاعدة في نهاية الأمر.

على صلة

XS
SM
MD
LG