روابط للدخول

خبر عاجل

قراءات الصحافة العالمية لهجمات الأنثراكس


ما زال التفشي التدريجي لمرض الجمرة الخبيثة في عدد من المدن الأميركية يستأثر بانتباه وسائل الإعلام في أنحاء العالم، إذ ترى صحيفة إسرائيلية في المؤشرات الأخيرة ما يدل على أن مصدر البكتيريا هو العراق، بينما نشر مركز إسرائيلي دراسة حول إمكانيات العراق في مجال الحرب البيولوجية، ويدعو محرر صحيفة أميركية الرئيس بوش إلى عدم تضييع وقت في الانتقال من الحرب في أفغانستان إلى شن ضربات على العراق.

تؤكد صحيفة الـ Jerusalem Post الإسرائيلية في تقرير لها اليوم أن هناك دليلان على أن العراق هو مصدر بكتيريا الجمرة الخبيثة المستخدمة في الرسائل المرسلة عبر خدمة البريد الأميركية. الأول – بحسب التقرير – هو أن مختبرات البحث المتطورة في أميركا وجدت في المسحوق الحامل للبكتيريا عنصرا كيماويا مطابقا لما اكتشفه مفتشو الأمم المتحدة في العراق. أما الدليل الثاني فهو أن نمط الجمرة الخبيثة العراقي يمكن معالجته والشفاء منه في أغلب الحالات من خلال استخدام المضادات الحياتية المطورة – من قبل عدد من الدول، بينها إسرائيل – خصيصا لمعالجته.
أما تورط صدام حسين في الاعتداءات الإرهابية الخبيثة على الولايات المتحدة – حسب تعبير الصحيفة – فلا تثير العجب لدى من يتذكر تصريحات وخطابات صدام حسين قبل حرب الخليج وفي أعقابها، حين كان يهيج الرأي العام العربي من خلال وعوده بالانتقام من أميركا. وينسب التقرير إلى ضابط سابق في الاستخبارات الإسرائيلية – Rafi Eitan – قوله: ليس منطقيا أبدا ألا تتعاون الاستخبارات العراقية مع أجهزة بن لادن الاستخبارية. وكنا على علم منذ السبعينات – ثم تأكدنا في الثمانينات – من قيام صدام بتطوير مرض الجمرة الخبيثة ليصبح سلاحا بيولوجيا، فلقد أجرى عليه تجارب بشكليه السائل والمجفف، وكان يخطط حتى لتلويث مصادر المياه – حسب تعبيره الوارد في التقرير.

--- فاصل ---

ويشير مركز القدس للشؤون العامة الإسرائيلي في دراسة نشرها الاثنين الماضي إلى تصريح الناطق باسم البيت الأبيض Ari Fleischer الأسبوع الماضي بأن بكتيريا الجمرة الخبيثة في الرسالة المرسلة إلى السيناتور Tom Daschle - زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي – لم تكن بالضرورة من صنع حكومة أجنبية، ولكن الدراسة تنبه أيضا إلى أن الناطق لم ينف في الوقت ذاته تورط جهة أجنبية. ويمضي المركز قائلا إن إحدى دول الشرق الأوسط – أي العراق - لها خبرة واسعة في مجال الحرب البيولوجية، بل أجرت تجارب في هذا المجال على أسرى حرب إيرانيين في الثمانينات.
أما برنامج الأسلحة البيولوجية العراقي الذي اكتشف وجوده مفتشو الأمم المتحدة فكان محاطا بأشد السرية. ولقد توصل المفتشون إلى أن العراق قام بتطوير عدد من العناصر البيولوجية لاستخدامها ضمن برامجه لأسلحة الدمار الشامل، كان من بينها بكتيريا الجمرة الخبيثة، وأن الكميات غير المعلنة من وسائل تنمية هذه العناصر تكفي لتنمية 26000 لترا من بكتيريا هذا المرض.
كما وجد المفتشون – استنادا إلى الدراسة – آثار هذه البكتيريا في سبعة رؤوس حربية لصواريخ الحسين بعيدة المدى، وأن العراق أنتج ما لا يقل عن 200 قنبلة تلقى من الجو معبأة بالبكتيريا ذاتها، وأنه كان يجري – قبل مغادرة المفتشين في أواخر 1998 – اختبارات على نمط من الجمرة الخبيثة يقاوم المضادات الحياتية.
كما كان العراق توصل إلى التقنيات اللازمة لتجفيف المزيج الحامل للبكتيريا، الأمر الذي يساعد كثيرا في خزنها مدة طويلة.

--- فاصل ---

وتمضي الدراسة إلى أن تعاون العراق مع الجماعات الإرهابية الدولية – خصوصا في أعقاب مغادرة المفتشين – لا يمكن استبعادها، فمنشأة سلمان باك معروف عنها منذ سنين أنها تقوم بالتدريب على الأعمال الإرهابية، إضافة إلى كونها أحد المراكز الرئيسية في برنامج الأسلحة البيولوجية العراقي، الأمر الذي يعني وجود مكان موحد لتدريب الإرهابيين ولتزويدهم بما يحتاجون من عناصر بيولوجية.
وتؤكد الدراسة أن مصلحة العراق تتطلب تعاونه مع الجماعات الإرهابية، فهو يفتقر في الوقت الحاضر إلى سبل التصدي لهجوم واسع تقوده الولايات المتحدة ضده. ولكن استخدام الخلايا الإرهابية في الأراضي الأميركية، يمكن اعتباره بمثابة إشارة إلى قدرة العراق على الانتقام في حال توجيه أميركا ضربة مميتة لنظامه.
وتؤكد الدراسة أيضا أن الأسلحة البيولوجية لا تقل كثيرا في قدرتها التخريبية عن الأسلحة النووية الصغيرة، وتعيد إلى الأذهان ما أظهره الرئيس العراقي من تصميم على إخفاء قدراته في مجال الأسلحة البيولوجية عن المفتشين بقدر فاق حرصه على سرية برامجه الأخرى في مجال الأسلحة المحظورة.
وترى الدراسة إنه من السابق لأوانه الآن تأكيد وقوف العراق وراء الهجمات بالجمرة الخبيثة على الولايات المتحدة، ولكن – وحتى لو توصل المسؤولون الأميركيون إلى تبرئته منها، ثم عادوا إلى ضربه لأسباب أخرى – يبقى احتمال لجوء العراق إلى الرد بالأسلحة البيولوجية احتمالا لا يمكن تجاهله.

--- فاصل ---

أما Jim Hoagland المعلق السياسي في صحيفة الـ Washington Post فلقد نشرت له الصحيفة اليوم ما يسميها رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، يقول فيها إن على بوش ألا يتخلى عن أهدافه الواسعة فالتاريخ يمجد بأصحاب الإقدام والمثابرة. ويوصيه – كما يوصي مساعديه – بتحاشي كل شيء يمكن أن يتعارض مع تحقيق الحد الأدنى المقبول من هذه الأهداف، وبإطلاع الشعب الأميركي – بصورة علنية ومنتظمة – عن التقدم الذي يتحقق في اتجاه تحقيقها.
ولكنه يوصي أيضا بالابتعاد عن إثارة الشكوك والمخاوف التي تحد من عزيمة الناس، خصوصا فيما يتعلق بمخاطر محتملة غير محددة. وكان علق على هذا الرأي Alex Jones – مدير مركز Shorenstein في جامعة هارفارد لشؤون الصحافة والسياسة العامة – الذي قال:
ما أفترضه هو أن الحكومة لديها ما يبرر إصدارها مثل هذه التحذيرات. لا أظن أنهم راغبون في ذلك، ولكن الشعور السائد هو أن ترك الناس دون تحذيرهم سيكون أسوأ بكثير، خصوصا إن كانت لديهم معلومات تشير إلى قرب وقوع شيء خطير. الصراحة هي أهون الشرين في مثل هذه الحالة.

كما أكد Jones في تعليقه على تغطية تطورات تفشي الجمرة الخبيثة بقوله:
أعتقد أن تغطية وتفهم ظاهرة الجمرة الخبيثة أفضل بكثير مما كانت عليه خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي يدل على النضوج، سواء فيما يتعلق بالحكومة أو بوسائل الإعلام.

--- فاصل ---

وينتقل Hoagland في رسالته المفتوحة إلى بوش إلى ضرورة معالجة موضوع استمرار العراق في تكديس الأسلحة البيولوجية والكيماوية وغيرها، إذ لا يجوز للحملة في أفغانستان أن تثني أميركا عن هذه المعالجة. وعليك – يقول Hoagland مخاطبا الرئيس بوش – أن تدير الحملة الأفغانية بطريقة تتيح لك الانتقال السريع إلى وضع حد للتهديد الذي يشكله نظام صدام حسين. فأنت الآن في موضع قوة، يحتّم عليك تأكيدَ أن الحملة الراهنة ليست من أجل رفع المعنويات، بل إنها صراع إستراتيجي يستند إلى أهداف واضحة ويمكن تحقيقها، سوف تجعل عالمنا أكثر تمتعا بالأمان.

على صلة

XS
SM
MD
LG