روابط للدخول

خبر عاجل

مقابلة مع اللواء الركن وفيق السامرائي


اللواء الركن وفيق السامرائي يجيب على تساؤلات حول احتمالات ضرب العراق وماهية الأدلة التي يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن ترجع إليها في المرحلة التالية من حربها ضد الإرهاب. وكذلك حول حقيقة امتلاك العراق لأسلحة جرثومية.

سيداتي وسادتي، على رغم الإشارات التي تبثها وكالات الأنباء العالمية والصحف الغربية إلى إمكان تورط الحكومة العراقية في العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت الولايات المتحدة، إلا أن الأوساط الرسمية في أميركا وبريطانيا. تحرض على تجنب حشر العراق فيما يجري من حرب ضد الإرهاب.
هذا على رغم ازدياد حالات التعرض إلى جرثومة الجمرة الخبيثة التي تؤكد أوساط المفتشين الدوليين من أن الحكومة العراقية هي إحدى الحكومات المنتجة لهذه الجرثومة القاتلة.
الرد على جملة تساؤلات في هذا الخصوص، أجرينا الحوار التالي مع المدير السابق للاستخبارات العسكرية العراقية اللواء الركن (وفيق السامرائي):

إذاعة العراق الحر: اللواء الركن وفيق السامرائي أهلاً وسهلاً بكم في حلقة هذا الأسبوع من برنامج (قضية في حوار). بداية لواء ركن وفيق، فيما تشتد الحرب الأميركية أو الحرب الدولية ضد الإرهاب خصوصاً على صفحتها الأفغانية، نجد أن واشنطن ولندن تحرصان على استبعاد احتمال توجيه ضربة إلى العراق. رغم أن الدوليتين تؤكدان باستمرار أن النظام العراقي هو نظام إرهابي ويؤوي إرهابيين. فلماذا هذا الحرص على استبعاد ضرب العراق؟

وفيق السامرائي: إذا أردنا أن نراجع الأحداث، يا أخ سامي، فأنا أعتقد بأن استهداف أو إعطاء الأسبقية الأولى للعمليات في أفغانستان لم يأتي احتياراً ولكن فرضته الظروف الإقليمية والدولية ونلاحظ أن أميركا وبريطانيا لم تلاقيها صعوبات كبيرة في تكوين تحالف سريع، تحالف سياسي مدعوم عسكرياً واقتصادياً في الحرب على طالبان وتنظيم القاعدة.
السبب في ذلك، طبعاً، يعود إلى رسائل كثيرة من ضمنها أن عمل كهذا يتناغم مع مصالح دول عديدة. روسيا تريد أن تطلَق يداها في الحرب مع الشيشان، والصين تريد تصفية حسابات مع حركات إسلامية في غرب البلاد. الهند تسعى إلى مشروعية ضرب مقاتلي كشمير. الباكستان تريد تعزيز نفوذها في أفغانستان. تركيا تريد أن تطلَق يداها في آسيا الوسطى وتقترب إلى الدول الأوروبية، وهكذا... فهي عملية اختيار.
أفغانستان أتت لأسباب عدة، هذه منها. والشيء الأساسي، هناك ضغوطاً داخل الولايات المتحدة تطالب برد فعل سريع، فإذا كان رد الفعل سيكون باتجاه دولة مثل العراق ليس هيناً، فاختير أن يكون في أفغانستان.
أما لماذا أميركا وبريطانيا تتظاهران بأن العراق ليس مستهدفاً؟ الحقيقة إذا نراجع الاستراتيجية الأميركية بصورة عامة. إذا نراجع التصريحات الأميركية لم نجد هناك تصريحاً محدداً يقول بأن العراق لن يحاجَم أو النظام في العراق لن يهاجَم.
أبداً لا يوجد مثل هذا التصريح. هناك جملة من التصريحات أو عدد من التصريحات يشير إلى أن العراق ليس هدفاً في المرحلة الحالية. أفغانستان هي المرحلة الأولى. نركز جهودنا الآن، أي جهودهم، على أفغانستان.
وهكذا من هذه التعابير، فالغاية من ذلك أو الغرض من ذلك، بحسب تقديري الشخصي، وحسب المؤشرات التي تتوارد يومياً، الغرض من ذلك هو الإبقاء على التحالف قوياً ومتماسكاً لإنهاء الصفحة الأولى في أفغانستان، لأن هذا موضوع فيه نوع من الحساسية يتعلق باعتبارات دينية، وربما من يقول بأن الإسلام هو المستهدَف وربما يقول كذا.
فلدحض هذه التقولات، فإن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تريد أن يكون التحالف قوياً وخاصة مع دول إسلامية وعربية.

إذاعة العراق الحر: كلما يأتي الحديث عن الأسلحة البيولوجية ومادة الإنثراكس القاتلة، مرض الجمرة الخبيثة، خصوصاً بعد انتشارها في الولايات المتحدة وأحاديث عن انتشارها في أوروبا أيضاً. كلما يأتي الحديث عن الاسلحة البيولوجية نجد أن الحديث يتطرق إلى العراق أيضاً، باعتبار أن العراق هو أحد الدول.. إحدى الدول المصنعة لهذه المادة.
وبغداد، كما قالت لجنة أنسكوم في وقتها، أعلنت اللجنة أنها تملك آلاف اللترات من هذه المادة في شكل سائل. لكن مع هذا نجد أن التركيز، أيضاً، ليس في اتجاه العراق وإنما في اتجاه أسامة بن لادن وحركة طالبان وجهات أخرى.

وفيق السامرائي: هذا صحيح. إذا نراجع أيضاً التصريحات أو المواقف الأميركية، نجد أن الرئيس الأميركي جورج بوش اتخذ موقفاً، أو انزعج.. أعرب عن انزعاجه الشديد لأن أعضاء من الكونغرس الأميركي قالوا بأن العراق مشمول بالعمليات أو بالحملة الأميركية فاعتبر هذا فد شيء خرق للاستراتيجية أو للنيات الأميركية أو لأسرار النيات الأميركية المقبلة. إلى حد أنه اتخذ قرار بأن لا يزود الكونغرس الأميركي بمعلومات عن الحملة. إلا أن المجلس كالعادة قام بهجمة مفابلة، وقال إن هذا مخالف للدستور، ثم تراجع بوش عن هذا القرار.
هنالك أيضاً مؤشرات كثيرة، هنالك.. هناك معلومات تقول بأن هناك شخص بارز في المعارضة العراقية، أُبلِغ من قبل الإدارة الأميركية أن يضبط تعابيره حول العراق وأن لا يبقى يؤكد على أن العراق مستهدف أو النظام مستهدف وهكذا.. فهذا كله يدل بصورة جدية على أن هناك توجهات محسوبة نحو العراق لكن ينتظر إنهاء أو حسم الموقف في أفغانستان.
نراجع أيضاً ما قاله بوش في أول مؤتمر صحفي يعقده في البيت الأبيض بعد أحداث 11 سبتمبر كان يقول عن الرئيس صدام بأنه رجل شرير. طبعاً بغداد ردت عاجلاً على لسان وزير خارجيتها وقالت: الرئيس بوش هو أكبر إرهابي، أو الإرهابي الأول في العالم. فأعادونا إلى مسألة النعوت بين رئيس أميركا والرئيس العراقي عام 1990. هذا كله يؤكد، مرة أخرى، بأن موضوع أسلحة الدمار الشامل مهمة جداً وخصوصاً بعد أن بدأت تنتشر آثارها السلبية في أميركا وفي اوروبا.
ما أسوأ الحال أن يستطيع أي فرد هنا.. موضوع الرسائل والبريد يختلف عما هو معمول به بالدول العربية. لا يوجد مواطن أميركي أو بريطاني أو أوروبي لا يستلم يومياً، في كل يوم، مظروف أو مظروفين أو ثلاثة أو أكثر في البريد في المراسلات الإعتيادية. فإذا أصبح الفرد العادي خائفاً من فتح مظروفه، والمؤسسات العسكرية والاقتصادية فهذه ستشكل ضربة مؤذية جداً للأمن الاستراتيجي في أوروبا وأميركا.
وفي النتيجة، هنا تبدأ عملية التشكيك. من الذي يصنع الأسلحة البيولوجية؟ من الذي لديه سوابق في هذا الموضوع؟ سيجري التركيز طبعاً على إيران والعراق. بما أن إيران تميل إلى التهدئة وتميل إلى الانفتاح، والغرب يريد إعادة موازنة علاقاته مع إيران ولم يحصل أي انفراج. من جانب آخر لم يحصل أي انفراج في العلاقات مع النظام في العراق، فهذا يعني أن الملف سيأخذ جانباً حاداً جداً خلال الأشهر المقبلة وربما الأسابيع القليلة المقبلة.

إذاعة العراق الحر: لكن لواء ركن وفيق، يعني، العراق يقول بأنه كشف عن مخزونه من الإنثراكس للجنة أنسكوم، وأن اللجنة قامت بتدمير المواد الداخلة في تصنيع جرثومة الجمرة الخبيثة.
يعني، هناك إشارات حتى في تقارير أنسكوم، أن هذه المادة دمرت في العراق.

وفيق السامرائي: هذا الحال.. لذا أقول أن العراق، ولسنا في صدد أن نقول أن العراق الآن يمتلك أو لا يمتلك، ولسنا بصدد توجيه الاتهام للعراق أو النظام في العراق، ولكننا نبحث في الموضوع من ناحية تحليلية.
الذي أعرفه أنا، والذي قرأته في تقارير متطرفة في الصحافة العالمية وسمعناه، بأن المفتشين يقولون.. لا يقولون بأن العراق سلمهم أسلحة بيولوجية أو معدات بيولوجية، لكن العراق أو النظام في العراق أو الحكومة في العراق تدعي أنها دمرت هذه الحاويات.
فمن بين ما يقول المفتشون، وهذا شيء ليس سراً نشر كثيراً من خلال الأمم المتحدة وما سرب إلى الإعلام، بأن هناك نوعين من المواد البيولوجية: قسم هو سائل، والقسم الآخر باودر مسحوق.
فالمسحوق الآن هو د يظهر، وهذا لا يعني أن العراق هو الذي يقوم بإرسال هذه الـ.. لأن الأمر ليس حكراً على صناعة العراق ولكني أقول أن الأميركان سيركزون جهودهم على.. أو يوجهون جهودهم على العراق. بما أن العراق صنع الجمرة الخبيثة، وبما أن النظام في العراق يرفض عودة المفتشين إلى العراق، العودة الحرة الغير المقيدة، وبما ان العراق..
ربطوه أيضاً في موضوع تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار أو شروط وقف إطلاق النار. وهذا فد طرح خطير جداً أيضاً. هذا كله يعني بأن العراق سيكون مستهدفاً.
أنا أعتقد ايضاً، الأهم من هذا كله، هو أن نظماً توصف بالإستبدادية أو الدكتاتورية لم يعد هناك مجال لاستمرار بقاءها وحريتها في الفترة المقبلة، لأن الإرهاب يعشعش في مثل هذه النظم. هذا هو كما يُطرح في الصحافة الغربية وكما يسير.. تسير الاتجاهات عليه هنا في الغرب.

إذاعة العراق الحر: طيب، إذا رجعنا إلى الموضوع الأول وهو تجنب الولايات المتحدة بالتركيز على العراق لأسباب كما قلت أنه حساسيات التحالف العربي والإسلامي لأميركا، ولغرض التركيز على الموضوع الأفغاني. لكن التناقض هنا أن واشنطن نفسها أعلنت قائمة وهذه القائمة للمطلوبين في قضايا إرهابية، منظمات وأفراد، كلها عرب أو مسلمون. فلماذا لا تحسب حساب الحساسيات في مسألة القائمة، وتحسب نفس الحساب للموضوع العراقي؟

وفيق السامرائي: أنا الذي قصدته في موضوع الحساسيات هي عندما تريد أن تقول الصفحة الأولى أو المرحلة الأولى، لا تريد أن تكون هناك ردود فعل شعبية ورسمية كبيرة عليها، تريد احتواء هذه الردود. هذه معلومات مثبتة لديهم كما يقولون، وهم يريدون نشر هذه المعلومات.
ولكن ايضاً أربط على نقطة جوهرية أخرى، أخ سامي إذا سمحت، وهو في حرب الخليج الثانية عندما بدأت القوات الأميركية تتدفق إلى المنطقة، لم يقولوا.. لم يقل الأميركيون بأنهم سيهاجمون العراق، لم يقولوا بأنهم سيهاجمون الجيش العراقي لإخراجه من الكويت. كلما كانوا يقولون بأنهم يريدون الدفاع عن منطقة الخليج، يريدوا الدفاع عن مناطق النفط، إن مهمتهم دفاعية.
وأخذت التصريحات تتصاعد تدريجياً مع تصاعد وتيرة الحشد. كلما اقتربت الإستعدادات، كلما ازدادوا اندفاعاً في تصريحاتهم. فالآن أنا أعتقد، ما أشبه اليوم بالبارحة، هذه كلها حالات مماثلة.
أنا لا أقول أنهم سيضربون العراق، ولكني أعتقد بأن عملية الحصول على الدلائل، أو تكوين الدلائل أو الأدلة، ليست مستحيلة بالنسبة لهم عندما يريدوا أن يقرروا ذلك، وعندما يجدوا أن إسقاط طالبان وقتل أبن لادن لن يشفي الجراح التي حدثت في 11 سبتمبر.

إذاعة العراق الحر: طيب، الأدلة، يعني أدلة على تورط العراق في الهجمات على نيويورك وواشنطن أو أدلة على أمور أخرى، مثلاً هناك احد المطلوبين على القائمة الأميركية يعيش في بغداد. مثلاً، هناك الاسلحة الكيمياوية ومنها مادة الأنثراكس التي تحدثنا عنها. يعني، أدلة في أي ميدان؟
إذا مسألة وجود، يعني، صلة.. دليل على وجود صلة بين بغداد وبن لادن، يبدو أن الأميركيين والبريطانيين لا دليل لديهم وأعلنوا هذا بكل صراحة.

وفيق السامرائي: أنا أعتقد إن الأميركان عندما يقولون أنه لا دليل لديهم عن وجود اتصال بين بغداد وبن لادن، أعتقد أنهم يحجبون شيئاً يخالف ذلك كما قلت لأن اطلاق الأدلة الآن تعني القيام بعمل مضاد.
إذاً أنا أتوقع، وهذا رأي تحليلي فقط، أتوقع بأن الأميركان يخفون المعالم أو التوجهات أو النيات التي يريدون تنفيذها.. العمليات التي يريدون تنفيذها باتجاه العراق. سواء كانت هذه، نعم تتطابق مع وجهات نظر تحليلية أخرى أو تختلف، في أن الفترة المقبلة ستكون حساسة جداً خصوصاً لما يتعلق بعودة المفتشين.
فرفض العراق لعودة المفتشين سيتسبب في موقع حرج جداً وسيترتب عليه ردود فعل قوية إذا ما حسم الموقف بصورة سريعة في أفغانستان.

إذاعة العراق الحر: اللواء الركن وفيق السامرائي، شكراً جزيلاً على مشاركتكم معنا في حلقة هذا الأسبوع من برنامج (قضية في حوار).

على صلة

XS
SM
MD
LG